بقلم ناريمان الكرادي
بعد أسابيع فقط من عيد ميلاده الستين، توفي دييجو مارادونا تاركاً عالم كرة القدم ومحبيه في حالة حداد.
وُلد مارادونا في أسرة فقيرة، هو الخامس من بين ثمانية أطفال، هرب من الأحياء الفقيرة في بوينس آيرس وتحوّل الى نجم كرة قدم شهير رغم عدم امتلاكه صفات اللاعب المثالية؛ فقد كان قصيراً وبديناً نسبياً إلا أن مهاراته الفائقة في اللعب وخفة حركته وقدرته على المراوغة والانسلال بين اللاعبين وسيطرته على الكرة وتمريراته الناجحة، جعلت منه أسطورة قد لا تتكرر.
على الرغم من الصعاب، فقد لفت انتباه الأندية الأوروبية الكبرى، حيث وقّع أولاً مع برشلونة ثم اشتهر مع نابولي، وساعد الفريق الإيطالي على تحقيق لقبه الأول في عام 1987 ، وتلاه الثاني في عام 1990.
مرتديًا القميص التقليدي رقم 10 لصانع الألعاب، قاد مارادونا الأرجنتين إلى بطولة العالم لكرة القدم عام 1986 وسجل أحد أكثر أهداف اللعبة إثارة للجدل وأحد أكثر أهدافها شهرة في غضون أربع دقائق وكان ذلك خلال ربع النهائي ضد إنجلترا. كل الشهرة والعار اللذين وسما مسيرته وحياته ظهرا يوم 22 يونيو 1986، عندما واجهت الأرجنتين إنجلترا على أرض ملعب أزتيكا في مكسيكو سيتي. فيما كان التوتر الناجم عن حرب جزر فوكلاند بين البلدين ، قبل أربع سنوات ما زال قائماً.
بعد ست دقائق من الشوط الثاني من المباراة الخالية من الأهداف، سقط مارادونا داخل الدفاع الإنجليزي ومرر تمريرة قصيرة إلى زميله في الفريق وانتهى الأمر بالكرة على قدم لاعب الوسط الإنجليزي ستيف هودج ، الذي أرسل تمريرة إلى الوراء باتجاه حارسه بيتر شيلتون، ليتدخل مارادونا المفترس وليقفز عالياً في الهواء ويحط الكرة في الشباك.
لم يستخدم مارادونا رأسه كما ظهر في البداية، بل استخدم قبضته اليسرى في مخالفة لم يرها الحكم التونسي حينذاك . وعندما سئل مارادونا لاحقاً عن حقيقة الهدف قدّم روايات متضاربة, في البداية قال إنه لم يلمس الكرة بقبضته؛ ثم قال إنه فعل ذلك بالصدفة؛ ثم نسب الهدف إلى تدخل إلهي ، إلى “يد الله”.
أثار هذا حنق الإنجليز وكتب بريان جلانفيل في كتابه “تاريخ كأس العالم”: “كان مارادونا وقحاً، مجرد براءة زائفة ، يتحدث عن يد الله , بالنسبة لإنجلترا، كانت يد الشيطان”.
لكن بعد أربع دقائق فقط، سجل مارادونا هدفه الثاني الذي وصف لاحقاً بـ “هدف القرن”. جاء الهدف بعد أن التقط مارادونا الكرة من نصف ملعب فريقه وانطلق في هجمة ساحرة متجاوزاً العديد من اللاعبين وخادعاً حارس المرمى شيلتون ليسدد الكرة في شباك فارغة محققاً هدفاً هائلاً لا شك في صحته.
في كتابه “أبسط لعبة” ، وصف بول جاردنر مراوغة مارادونا تلك بقوله “10 ثوانٍ من مهارات كرة القدم النقية التي لا يمكن تصورها تنتهي بتسجيل أحد أعظم الأهداف في تاريخ كأس العالم.”
بنتيجة هذه المباراة تراجعت إنجلترا في البطولة وتأهلت الأرجنتين، ووصف مارادونا الفوز بقوله كان “أكبر بكثير من فوز بمباراة، لقد كان سقوطاً للانكليز بالضربة القاضية”.
コメント