بقلم: ريتا فرنسيس جبور
أحب أن أشتري روزنامة في بداية كل عام. لا تحدثني عن روزنامة الهاتف لست من محبيها وليس لي علاقة حسية معها. أذهب وأبتاع واحدة جديدة في نهاية كل عام أنتقيها من بين مئات على أسس لا تتغير. تعجبني تلك التي أيام أشهرها مربعات كبيرة أعلقها إلى جانب البراد في مطبخي وأملأ مربعاتها الفارغة بمحطات أيامي ومواعيدها. أبحث في جميعها عن صورة شهر ميلادي وأشترط بأن تكون الأجمل علّ صورة زهرة جميلة أو صورة منظر طبيعي رائع يعكس جماله على أيامي الرتيبة. من ثم أفتح صفحاتها لأرى في أي يوم يقع السابع من كانون الأول ذلك اليوم الكبير، يوم ميلادي. أنا ممن يحتفظون بالروزنامة من سنة إلى سنة أجلس في أوقات فراغي القليلة وأعيد سرد وقائع أيامي المملة فلا أجد على الصفحات سوى مواعيد أطباء ومواعيد دفع الفواتير ومواعيد أخرى للقاح “لاكي” كلبي الحبيب في كل شهر.
ما لك يا مربعات أيامي حزينة مملّة قاتلة؟ أي رقم تنتظرين لكي تخلطي الأوراق كلها وتأتيني بالسعادة الكبرى؟ هل من صفر عندك يجلب الحظ لي أم هل من صفحة ستحمل موعدا آخر من نوع آخر؟ أرجوك ألا تكوني مثل سابقاتك بل كوني أفضل عديني بأشياء جديدة سوى المرض واللقاحات! عديني بأشياء لم تأتِ بعد! قولي بأن حالي صار أفضل ولن أموت قريبا... قولي مثلاً بأن الأطباء لم يُحسنوا التشخيص! بالله عليك قولي إنهم أخطؤوا... أرجوكِ.
جدي لي رفيقاً يقاسمني الملل، جدي لي حتى لو مريضاً آخر أتقاسم معه حبات الدواء. بالله عليك تغيّري نحو الأفضل. ساعديني أرجوكِ يا أوراق روزنامتي الجميلة. أستحلفك بألا تتركيني وحيدة. جدي لي ذلك الذي يرافقني يمسك يدي وينتظر معي مواعيد الأطباء. جدي من يأتي معي للقاح “لاكي” ولو لمرة واحدة. جديه لي وأقسم بأن أدفع الفواتير كاملة. قولي له بأني أنتظره ولا تبخلي عليّ أو عليه! لا تقولي بأني مملة دعيه يكتشفني. لا تقولي بأني مريضة لأنه إن أتى سأشفى سريعاً. لا تقولي بأني أعمل دون انقطاع لكيلا يهرب. دعينا نلتقي فأنا أعرف بأنه في مكان ما هناك كائنٌ ما ينتظرني بشوق يفوق شوقي إليه. أعطه عنواني أو أعطني عنوانه بالله عليكِ لا تبخلي علينا. قولي له أين يجدني، فحلمي أن أضع علامةً حمراء على صفحة من صفحاتك وأجعل منها أثمن الروزنامات وأحلاها. لا تدعي آخر صفحاتك تُقلب دون تلك العلامة. لقد اشتريت القلم الأحمر منذ سنين ولكني لم أستعمله بعد. ظننت بأنه فال شؤم وعدت واشتريت قلماً آخر جديداً. دعيني أستعمله هذه السنة ولا تُبطئي. دعيني أستعمله قبل أن يجف حبره أرجوكِ.
يا أيتها الصفحات الجديدة لم يأتِ دورك بعد ما زالت لدي صفحة وحيدة من سالفتك. كوني أكرم منها لقد كانت شحيحة. كوني لي هذه المرة ...أسعديني لأجعل لك إطاراً مذهباً.
لقد توسلت كثيراً وبات رأسي يؤلمني، سأخلد إلى صديقي النوم.. لا تدعي أحداً يزعجني أيتها الورقة الأخيرة... دعيني الآن أرتاح ونكمل كلامنا لاحقاً، في يوم آخر أو في مناسبة أخرى أو في سنة جديدة.
Comments