بقلم: أيمن عجمي
عندما كان محمد عبده مفتياً للديار المصرية كتب الى تولستوي يقول:” أيها الحكيم الجليل مسيو تولستوي لم نحظ بمعرفة شخصك، ولكننا لم نحرم التعارف بروحك. سطع علينا نور من أفكارك، وأشرقت في آفاقنا شموس من آرائك، ألفت بين نفوس العقلاء ونفسك، فكما كنت بقولك هادياً للعقول حاثاً بعلمك للعزائم والهمم وكما كانت آراؤك ضياء يهتدي به الضالون، كان مثالك في العقل إماماً يقتدي به المرشدون”
هكذا تكلّم مفتي الديار المصرية مع مفكّر هو على أي حال غير مسلم بل ومتّهم بالإلحاد في كنيسته.
وبالرغم من تضارب الآراء حول شخصية محمد عبده بين من يقول أنّ محمد عبده له نظرة أن الإسلام لم يتعارض ولا يمكن أن يتعارض مع العلم الذي مثله مثل العقيدة يكشف للناس أسرار الطبيعة.
لك أن تتخيل أن الإمام محمد عبده نفسه متّهم بأنه من المنظرين للإسلام السياسي وأنه من بين هؤلاء الذين قد يحاولون استرضاء شخص بمكانة وشهرة تولستوي ليدخل الإسلام مثلاً ويصير مثالاً لتزاوج الحكمة والفلسفة ليثمرا إسلاماً سياسيّاً يحكم العالم ويكرّس أستاذيته. وحتى لو صحت هذه الإتهامات فهذا لا يمنع أنه منذ مئة عام كان هناك مناخ يسمح بل ويدعو لتعدد الأفكار بل والنداء بتغيير المسار وإعلان مبادئ الإنسانية بالحق والعدل بدلاً من الاستثمار في صراخات المظلومية الإسلامية وتآمر العالم عليه.
التطور يتطلب عاملين؛ أولهما اتجاه للتغيير وثانيهما الى حركة في اتجاه هذا التغيير. تخيل أنك تركب سيارة وجهتها الى أوربا أو المرّيخ ولكن سرعتها صفر ومحركها ميت، عندئذ نعرف أن وجهة الحركة في حد ذاتها أقل أهمية من الحركة نفسها... العالم وعاء للمتغيرات والزمن نفسه مجرد مسطرة نقيس بها حجم هذه التغييرات.... أخيراً التغيير هو سنّة الحياة وشرط التطور وكلمة صارخة في قلب كل إنسان؛ رث الارض احرثها ثم اعطها لأبنائك بحال أفضل من الحال التي كانت عليه حين ورثتها.
هذا هو تعريف النبل والخير وغرض الحياة.
Comments