بقلم: الإعلامي فادي نصار
فُطرت الحيوانات على غريزة الأمومة، فعلى سبيل المثال، يشبه السلوك الغريزي لأمهات الشمبانزي والغوريلا والبابون والجيبون، تجاه أبنائها، الى حد كبير جداً ما هو لدى أمهات البشر.
ولم يعد غريباً أن نرى أمهات بعض الحيوانات ترضع صغاراً لحيوانات أخرى، مثلاً أن ترضع (كلبة) صغار قطة، فغريزة الأمومة هي محرك قوي عند الحيوان، يختفي بموجبه العداء والعوائق بين الحيوانات المتنافرة.
ومن بين أمهات عالم الحيوان، تستحق أمهات الفيلة elephant لقب الأم الجبارة، كونها تنجب أكبر مولود على الأرض، حيث يبلغ
وزن الظغفل (صغير الفيل) أكثر من 95 كيلوغراماً، أضف الى أن فترة حملها تصل إلى 22 شهراً. ويكون صغير الفيل عندما يولد أعمى، لذلك يعتمد كلياً على جسد أمه في الحركة والاستكشاف، التي تعاني معه كثيراً!
وتجذب صغار (البابون) Baboons الحديثة الولادة انتباه كل القطيع، حيث يتحلق الجميع لرؤيته لحظة الولادة، فيما تحمله أمه على يدها وتسمح لإخوته بمشاهدته واللعب معه، دقائق معدودات، ولكن إن حاول أحدهم الاقتراب من الصغير دون إذنها تنقض عليه.
وتجتهد السلاحف البحرية sea turtle، بدفن بيضها في رمال الشواطئ، ولكن بعد دفن البيض، تقوم بحفر عدة حفرٍ وهمية، كي تضلل أعداءها من الحيوانات والإنسان، كيف تعرف السلحفاة أن هناك من سيأكل البيض؟ وأنه يجب عليها حماية بيوضها عدا عن بيوض غيرها من السلاحف؟
إنها غريزة الأمومة التي تدفعها الى الخداع لحماية بيوضها، كما تساعدها تلك الغريزة على معرفة بيوضها من بين آلاف نظيراتها من بيوض السلاحف الأخرى.
كذلك تدفن التماسيح crocodile بيوضها في الرمل، بعد التزاوج مباشرة، وتنتظره حتى يفقُس، والأمر الغريب هنا أن التمساح الأم هي الوحيدة التي تسمع صوت صغارها وهي لا تزال تحت الرمل، فتبدأ بإخراجها، لتأخذها مباشرة الى الماء، بدافع غريزة الأمومة.
عندما تهاجم أسماك “البيرونا” يرقات سمك “البلطي” Tilapia أثناء تجوالها مع أمها في الموائل البحرية، تفتح الأم فمها لتدخل جميع اليرقات وتختبئ فيه حتى يذهب خطر “البيرونا” فتعيد فتح فمها لتخرج اليرقات كلها سليمة، كل ذلك يتم بدافع غريزة الامومة.
ولأنثى فرس النهر Hippopotamus، طريقتها الخاصة في حماية صغارها، فهي تعكر مياه النهر، حيث تعيش، بإلقاء فضلاتها فيه، حتى لا يتمكن الأعداء من مشاهدة الصغار ومهاجمتهم.
وبفضل هذه الغريزة العظيمة والمدهشة حقاً، تحمل الزرافة giraffe جنينها لمدة تصل الى حوالي 15 شهراً، وعندما تلده تسعى
جاهدةً طوال النهار، لحمايته من حرارة الصيف الافريقي، وذلك بتحركها مع حركة الشمس، صانعة ظلاً سميكاً كي لا يتأثر الصغير.
في حين تحمل أنثى العقرب scorpion – رغم سميتها – صغارها حالما يفقسون من البيض على ظهرها لمدة أسبوع على الأقل، وتبقى تحميها من هجوم الحيوانات الاخرى، ريثما تقوى هياكلهم.
وتفرز أمهات طيور (الهدهد) The Hoopoe نوعا من الروائح الكريهة في عشها بهدف إبعاد الأعداء عنه فتحمي بذلك فراخها.
وفي حالة حيوانات الكوالا Kuala التي تتغذى على ورق الكينا السام جداً، تساعد الأمهات صغارها على بناء جهاز مناعة ضد السموم بتغذيته على مخلفاتها!
تبني أنثى الأورانجتان Orangutanمن أغصان الأشجار خلال حياتها كلها حوالي 30000 بيت. وتخاف على سلامة صغارها كثيراً فلا تسمح لهم بتسلق الأشجار العالية حتى يبلغون السادسة أو السابعة، وهي أطول فترة حضانة للحيوانات على كوكب الأرض.
فيما تصل الحضانة عند أم الفهد Panthers الى عامين، تتميز بصبر وتقنية عالية في تعليم الصغار فن الصيد، وهي التي تجد لديها من أربعة إلى ستة أشبال في أي وقت من السنة.
يمكننا أن نطلق على كل إناث الكائنات الحية على سطح هذا الكوكب لقب أمهات، عندما تكون غريزة الأمومة لديها حية وفعالة، من اناث الحوت الأزرق أضخم حيوان على الأرض، وصولاً الى إناث النحل والنمل الصغيرة، مروراً بإناث العقرب والأفاعي الأكثر سمية، وكل الثدييات التي تعيش معنا.
Comments