بقلم: الاعلامي فادي نصار
صحيحٌ أنَّ معدل هطول الأمطار القياسي، في الولايات المتحدة، وصل للمرة الثالثة على التوالي هذا العام 2019، إلى مستوى
تاريخي، حيث استمرت الفيضانات على طول أنهار ميسيسيبي وميسوري وإلينوي.
في حين تأثرت معظم بلدان أميركا الجنوبية والوسطى، الصيف الفائت، بموجات حرٍ شديدةٍ ، لم يسبق لها مثيل في المنطقة، أدت الى وفاة عشرات الأشخاص، وتضررت الماشية والغطاء النباتي ومصادر المياه.
كما علت تحذيرات علماء النبات وخبراء البيئة في أسبانيا، من أن تأثير التغير المناخي بدأ يظهرعلى مواسم الزيتون، مؤكدين أنَّ هناك انخفاضًا في المحصول( الكمية)، وأشاروا الى أن الثمار تنضج مبكراً ولكنها عديمة أو قليلة (اللُب)، وبالتالي فإنها ستنتج كمية أقل من الزيت.
وعلى الرغم من أنّ معظم الدراسات العلمية في مجال البيئة والتغير المناخي، تُؤكد على أنَّ غالبية الحيوانات لم تعد لديها الإمكانية للتآقلم مع التغيرات المناخية، وأنه في عام 2080 سوف ينقرض 33في المئة من الأنواع( بحسب مجلة Nature Communications) !!!
غير أنَّ مايُقلق علماء المناخ حقيقةً ، اليوم، هو أنَّ احترار الجزء الشمالي من العالم، يزداد بشكل أسرع من كوكب الأرض كله، حيث كشفت التقارير الصادرة عن منظمات دولية (حكومية وغير حكومية) تُعنى بالتغير المناخي، مثل غرين بيس Green peace، والصندوق العالمي للطبيعة ( (WWF ، أنَّ انبعاثات الغازات الدفيئة، تسببت بشكل رهيب في تجفيف الغابات، في النصف الشمالي للأرض، وجعلتها أكثر عرضة للحرائق، حيث كشفت دراسة حديثة عن أن الغابات الشمالية (البوريالية) تحترق الآن بمعدل غير مسبوق منذ 10000 عام على الأقل، الأمر الذي سيؤدي الى ذوبان طبقة الجليد المجمدة تحت السطح، ونتيجةً لذلك بدات الأنهار الجليدية تنحسر وتتراجع بوتيرة أسرع.
وقد بلغَ متوسط درجة الحرارة، في الشهر الفائت حزيران/يونيو، في أجزاءٍ من سيبيريا ،أعلى بنحو عشر درجات من المتوسط للفترة 1981-2010، أدى هذا الارتفاع غير الطبيعي، الى تسجيل أكثر من 100 حريق (بحسبِ المنظمة العالمية للأرصاد الجوية)، كان أشدها في “ألاسكا” و”سيبيريا” (يعيش في ألاسكا مئة ألف نسمة، معرضون كلهم للخطر الناتج عن ذوبان الجليد)، حيث تم تسجيل ما يقرب من 400 حريق هائل هذا العام ، ولاتزال تندلع حرائق جديدة كل يوم، انتشر بعضها على مساحة كبيرة جداً تعادل مساحة مئة ألف ملعب كرة قدم، أو كامل مساحة جزيرة لانزاروتي “Lanzarote”، في أرخبيل الكناري الإسباني.
غير أنَّ الحريق الأكبر في نصف الأرض الشمالي، شب في مقاطعة “ألبرتا” Alberta،غرب كندا، حيث انتشر حسب التقديرات إلى مساحة تفوق بكثير مساحة 300 ألف ملعب كرة قدم.
ومن المعلوم أن مثل هذه الحرائق الهائلة، تطلق ملوثات ضارة بالبيئة وبصحة البشر، تشتمل على جزيئات سامة وغازات مثل أول أكسيد الكربونCO، وثاني أكسيد الكربون CO2 (انبعث منه، جراء حريق “ألاسكا” وحده، حوالي 50 ميغا طن)، وأكاسيد النيتروجين NO والمركبات العضوية التي لا تشكل غاز الميثان في الجو. ويمكن ان تنتقل هذه الجزيئات والغازات الناتجة عن حرق الكتلة الحيوية على مسافات طويلة، مما يؤثر على جودة الهواء في كل النصف الشمالي لكوكب الأرض.
يرى علماء المناخ، أنَّ مدى وكثافة هذه الحرائق، وكذلك طول مدة اشتعالها، أمر غير عادي، وخاصةً في “ألاسكا”، ويحذرون من أنَّ البشرية تواجه اليوم، خطرالتغيّر المناخي(الموت البطيء للكوكب)، وأن التغيرات المناخية، حقيقة مؤلمة، بدأت أمم الأرض تشهدها، و ليس كما يدعي راعي البقر الأميركي “ترامب” “كذبة اخترعها الصينيون”.
النداء قوي جداً، وطويل الآمدِ، فهل من يستجيب؟.
댓글