قصص واقعية من علم الباراسيكولوجي
بقلم : د. هديل العزاوي
عندما كنت في جمهورية سلوفاكيا لعدة سنين شعرت بالحرمان من الاصدقاء الذين يتكلمون بنفس اللغة التي أتكلم بها وهي اللغة العربية، وحاولت أن أبحث عن أصدقاء يتكلمون اللغات الأخرى ومن بينها اللغة السلوفاكية ولكنهم كانوا مشغولين دائماً ويعملون بشكل مستمر أو كان لديهم روابط أسرية تصعب تحقيق موعد لقاء معهم باسثناء القليل منها. شعرت بالوحدة فخطرت لي فكرة أن أكتب رواية وأصنع شخصيات يكونون لي كأصدقاء يرحلون معي الى عالم بدون قيود, عالم احبه واحاوره واجد المتعة فيه، حينها اكتشفت أن لديّ قدرة على الكتابة وبرمجة أفكاري وخيالي على الورق لتتم على شكل رواية وتنشر.
اكتشاف القدرات احياناً لا تظهر إلا بعد التعرّض الى الحرمان الحسي مثلما يتعرض له رواد الفضاء عندما يحرمون من المشي بسبب فقدان الجاذبية الارضية وانواع من الطعام وحتى الدموع في فراق احبتهم، أو يسافر الشخص طلباً للجوء حيث يحجر لفترة معينة في غرفة صغيرة جداً الى ان يستكملون اوراقه وترحيله الى بلد اخر، بعد فترة سيشعر بالحرمان من بيته وعائلته واصدقاءه وشارعه وحتى نكهة الطعام الذي تعده له والدته، او يحجر الشخص لظروف مختلفة كانتشار الوباء او الحروب التي قد تتعرض له بلده مما تجعله يفقد النشاطات اليومية المعتاد عليها. في ظل هذا الحرمان هناك قدرات كامنة تظهر له حسب القابلية والاستعدادات التي يمتلكها.
يقول انايد هوفمان في كتابه تطوير المهارات النفسية ان هناك ثلاثة مستويات من الذهن تعمل في نفسك الداخلية وهي الذهن الواقعي literal mind والذهن المبرمج programmed mind والذهن الحدسي intuitional mind يعود الذهن الواقعي الى العالم الموضوعي اي العالم المادي، وتنعكس محتويات هذا الذهن عبر حواسنا الطبيعية فنحن نرى ونسمع ونشم ونتلمس العالم الذي حولنا ان المعلومات الواردة الينا تسجل على مادة اجسامنا والذهن الواقعي هو المادة الذكية المسؤولة عن تسجيل كل تجاربنا وهذا المستوى من الذهن او الذكاء هو دائم اساس كل المستويات الاخرى انه عالم الحقائق.
اما الذهن المبرمج فنعني به هو المستوى دون الوعي وحيث تنبع افكارك فهنا تتم عملية التقويم للعالم الموضوعي اي الحكم بأن هذا صواب وهذا خطأ، او هذه فضيلة وهذا اثم او هذا جميل وهذا قبيح وغيرها من التصنيفات. هو اشبه بالحاسوب يختزن المعلومات الواردة اثناء مرحلة نمونا من الوالدين او المعلمين وتتشكل هذه المعلومات القيم الثقافية لدى الانسان والمفاهيم الاجتماعية التي تساعدنا على الحفاظ على تراثنا الذي ولدنا فيه وهذا يشكل ضرورة لديمومتنا لاجتماعية ,
اما الذهن الحدسي عادة خلف الوعي ومعظمنا يعيق ما يبعثه من رسائل من خلال الالتزام بما يمليه علينا الذهن الواعي والمنطق العقلاني وقد علمنا منذ الصغر ضرورة اهمال احاسيسنا الداخلية بغية ان نتصرف ونفكر مثلما يريد الاخرون.
وعليه فلابد من تعرض الفرد الى حرمان حسي لكي يظهر الذهن الحدسي ويبرمج ليكون واقعي، فمثلا لو جعلنا في مراحل التعليم درس يهتم بشحذ القدرات المخفية وذلك بإدخالهم في غرفة على شكل كبسولة فضائية تكون فيها مجموعة من الاختبارات لتطوير المهارات والابداعات الفكرية. واول تمرين هو جلب طاولة وعليها بطاقات فيها ارقام او اشكال هندسية او حيوانية او نباتية ويمعن فيها الطالب النظر لمدة ثلاثة دقائق وبعدها تغطى بغطاء، ويذكر هذا الطالب ما يتذكره من تلك الاشكال او الارقام ويتكرر التمرين وعندها سيكتشف الطالب قدراته والاخرين يكتشفون تفوقه.
هناك تمارين اخرى سأكتبها لاحقاً لشحذ القدرات الكامنة والغوص الى عوالم خفية واظهارها لتحقيق مستوى علمي يدعم الطاقات الابداعية ويزيد من فرص تطوير المجتمع في كافة المجالات.
Comments