top of page
صورة الكاتبThe Ambassador Team

العادية السهلة

بقلم: ايمان الشريف


سأطلب منك طلباً ربما ستندهش له; لكن من فضلك جاريني فيما سأطلب.

استنشق نفساً عميقاً... ثم ازفره.

صف لي الآن شعورك؟

أخمن أنه لا شيء..

دعني أخبرك سيدي بأنه كل شيء وليس اللاشيء.

فإنك حين تأخذ نفساً من الهواء وتزفره ثانياً، ويأخذ هذا الهواء المحمّل بالأكسجين إلى رئتك ومن ثم الى مخك وخلاياك، ويقوم بوظيفته الأساسية التي غالباً لا تنتبه لها من شدة سلاستها ودينامكية حدوثها، وهي مقوم أساسي من مقومات حياتك.

تأخذه على سبيل الضمانة، شيء حتمي الحدوث وتألفه لدرجة عدم الإلتفاف لأهميته في حياتك.

وربما أو غالباً تضيق برائحة الهواء العادية التي آلفتها وتتوق نفسك إلى رائحة جديدة أو عطر مميز; يعطيك الإحساس بالتميز، بالتجديد أو الزهو وامتلاء رئتيك بشيء يبهج نفسك.

والآن, تعال معي لافتراض آخر... ماذا لو قدر الله حدث حريق فجأة وامتلأت الأجواء بكثيف الدخان مما يهيج رئتيك.

أو لنقل أن ذلك العطر غالي الثمن أثار حساسية ما لديك؟؟

حساسية من شأنها مشاكل في التنفس وعلاجات وعدم نوم وإرهاق متواصل. ستتمنى حينها تلك العادية السهلة في الهواء العادي الذي مللت منه.

فنحن كبشر دائماً نستهين بالموجود المضمون ونصبو للمفقود.

لا نقدر السهل حق قدره.. ولو كانت فيه سعادتنا ونملّ منه ونبحث عن الشغف.

وأغلبنا يتوق للصعب ونشتهيه ونسعى إليه سعياً حثيثاً; وربما حين نناله بعد معاناة نجد أننا سعينا للتعاسة وعدم الراحة.

لا أنصح هنا بعدم السعي وراء الشغف وتحقيق الأحلام.. فإن لم يحقق لك الموجود والمضمون.. سعادة قلبك واكتمال روحك; فانطلق وابحث عنها.

ولكن لا تقلل من قدر العادية المريحة.

ما أريد أن أقوله هنا إننا نستهين بجمال السهولة ونهدر قيمتها خصوصاً في العلاقات الواضحة المريحة، نملّ الألفة المؤنسة السلسة المضمونة ونبحث عن جديد.. مميز.. مختلف.

مسميات برّاقة مضللة كأضواء المحافل والمهرجانات التي تخطفك من روحك وتحلّق معها وبها لوقت قصير أو طويل. فلا يمكنك أبداً بأي حال من الأحوال أن تعيش الأجواء الصاخبة للأبد.

فالأضواء الساطعة والألوان الفسفورية تخطف العين لوهلة.. تبهرك وتتمنى أن تضيء حياتك وتلوّنها ألوان بهجة وفرحة.

ولا أظن أن هناك إنساناً يستطيع الحياة كلها في أجواء مبهرجة الألوان صاخبة الأصوات طوال الوقت.

فالأضواء الملونة مع الوقت تتسبب في إرهاق العين وعدم وضوح الرؤية إذا طال وقتها..

والموسيقا الصاخبة والرقص عليها لا تحتمله النفس طوال الوقت. سترهق وتمل وتحتاج الى الراحة.. ستشعر حينها أنك تحتاج الى هدوء نفسك.. واستكانتها.

تحتاج أن ترجع لمأمنك، لمسكنك، لمنطقة أمانك وهدوئك واطمئنانك, لمنطقة “ العادية السهلة المريحة “.

أتمنى لنفسي ولكم دوام العلاقات العادية السهلة المريحة. دمتم سعداء.

مشاهدة واحدة (١)٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

كي لا ننسى .. احنه مشينا للحرب

بقلم: نزار العوصجي ذات مرة في الثمانينيات جلست وأنا مسافر بالقرب من فتاة تبين أنها من البصرة، وهي طالبة في المرحلة الرابعة بجامعة صلاح...

コメント


bottom of page