بقلم : الاعلامية سوسن الجزراوي
وأنا اضع عنوان مقالتي هذه ، شعرت للوهلة الأولى وكأني أشاهد فلماً يصوّر المعارك الأسطورية التي كانت تجسدها قصص ((القراصنة)) و((حرب طروادة)) وغيرها من مشاهد الصراعات المرعبة وهي تشد الاعصاب الى اقصى حد ونتسمر امامها بترقب
يكاد يقطع الانفاس!! ((الانفاس)) صرنا نخشى عليها اليوم من مزيج ال (DNA -RNA)، كوفيد 19، الذي غير حياتنا وحطم اسطورة أقوى اقتصاديات العالم ومزق ((غشاء)) القوة الكاذبة التي طالما تباهى بها الكثير الكثير من قراصنة المال وتجار الحروب.
كورونا، ذلك الفيروس الصغير بحجمه، المرعب بفعله، كشف لنا ماهية النفس البشرية التي تتبجح بأفعال الخير وتتصنع المحبة، اليوم، يقف هذا ((الطاعون الجديد)) و((سارس)) المتطور متحديا إرادة البشر وابتعادهم عن الله، متحدياً عجرفتهم وشذوذهم وسخفهم.
كورونا اليوم نجح في توحيد البشرية جمعاء، فلم تعد هنالك دول صناعية كبرى ولا نامية ولا فقيرة ولا ولا.
ولأننا في محيط بلد الحضارات، العراق الجميل والذي سيبقى جميلا مهما تحطمت مرآته، كان لابد لنا ان نتوقف امام مايحدث في اروقة حياته اليومية وما تسببت هذه الجائحة من مآس فيه، العراق اليوم يمر في حالة صعبة جدا، فاغلب اطبائه الماهرين غادروه، والجيل الثاني منهم يكاد يراوح بين رغبته في زيادة خبراته وعلمه وبين الواقع الصحي المرير الذي يحيط به، المستشفيات تئنُ من قلة تجهيزاتها ونظافتها بل وحتى طواقمها، الاغلب الاعم لايعرف ماالفرق بين الاهمال والاهتمام، فهو يراهما يشتركان في نفس بداية الحروف، لذلك تاهت عنهم سلوكيات المهنة .
ولاتقف انهيارات الطب عن هذا حسب، بل هي متفاقمة لتصبح تجارة رابحة لأصحابها وخاسرة للمرضى ، فحاملو حقائب شركات الادوية عاثوا فسادا بنا ، وجعلت لعاب الاطباء يسيل لتلك النسبة التي يمنحها اياهم الصيدلاني حالما (( يمشون )) بضاعته براس (( المگاريد )) والذين لاحول ولا قوة لهم .
هذا الواقع الصحي انعكس سلباً اليوم أمام اكتساح كورونا عالمنا المتهالك.
وتتوالى أحداث مسلسل البؤس لتقف عند عتبة تجار اللقمة والذين أفرحتهم هذه الكارثة الوبائية لانها اسهمت في إفراغ مخازنهم من كل المواد التي كانت قابعة هناك .
مجتمع بأكمله تهاوت جدرانه أمام قسوة هذا الوباء اللئيم، فالكثير صار يستغل الكثير، والقليل صار يؤآزر القليل، معادلة محيرة ضائعة حلولها بين ماهو موجود وبين ما يجب أن يكون.
كورونا، كورونا، كورونا، الجبل الصغير الذي يشظي حممه البركانية على حياتنا، صار اليوم محور ((حياتنا)) وشغلنا الشاغل وتفاصيل أمسنا ويومنا ونطلب من الله العظيم ألا يصبح تفصيلا من تفاصيل غدنا القادم، بل نرجو العلي القديرأن يصبح قصة حتى وان كانت حزينة، لنرويها يوماً بعد ان تتعافى أرضنا منه.
Comments