بقلم: كريم شعلان
بصدور عارية واجه شبان العراق ولبنان القوات الحكوميّة، وقوّات مكافحة الشغب ومسلّحي الميليشيات بتشكيلاتها المتعدّدة، دون خوف ودون حساب لما سيترتّب على ذلك من وسائل القمع التي قد تصلّ للموت. وفعلاً فاضتْ الأرواح للسماء وسقطتْ الأيدي الآثمة بشخوصها من المجرمين والمرتزقة الذين باشروا بقمع الأحرار ممّن يبحثون عن العيش بسلام وكرامة.
الأسباب التي تجعل الشبان العزّل يواجهون الرصاص، لابد أن تكون أسباب عظيمة لها علاقة بالوطن وكرامة المواطن وطلب الحياة الخاليّة من الظلم والاستحواذ والتهميش والفساد العلني الذي صار يسيطر على مظاهر وجود هذين البلدين، حيث أصبح العراق واحداً من الدول التي تتصدّر قوائم الفساد والتردّي في الخدمات والتعليم وكلّ مفاصل الحياة المعاصرة، وكذلك لبنان بشكلّ ربما أقلّ وطأة مما وصل اليه العراق بحكوماته المتلاحقة منذ عام 2003 وحتى الآن.
عندما تستخفّ الأنظمة بالشعب وتنسى أن الشعوب لاتندحر ولاتنتهي، وتبقى هذه الأنظمة مُستهترة، غير آبهة بآلام الناس، هنا تحدث الذروة ( ذروة الغضب الشعبي ) التي لايمكن إيقافها ولايمكن السيطرة عليها أبدا
لقد ضرب شبان التظاهرات في العراق ولبنان مثلاً واعداً ومختلفاً عن الكثير من المواجهات التي أبدتها شعوب بعض الدول العربيّة في ثورات (الربيع العربي)، حيث بدتْ هذه التظاهرات وكأنها زأرة الأسد الجريح الذي قرّر أن ينتقم لنفسه وأن يأخذ بثأره من عصابات الفساد ومافيات السياسة الغبيّة التي لم تعر أهميّة لغضب الشعب الذي يكتسح كل تصوراتهم الرعناء.
رأينا عبر الشاشات المواقف العجيبة في شجاعتها للشبان الثائرين العزّل، كذلك رأينا ردود الأفعال العجيبة في قسوتها وهمجيّتها من قبل أذرع الحكومات التي فقدتْ السيطرة على مجريات الأمور، ولجأت للعنف الذي هو طريق نهاية تلك الحكومات.
من خلال تحليل بعض المتابعين، تظهر في الصورة روابط مشتركة بين تظاهرات لبنان والعراق، وتشترك بمفردات تظهر من خلال شعارات التنديد والأهازيج التي يردّدها المتظاهرون، وهي رفض التدخل الأجنبي ورفض وجود المسؤولين الموالين لهذا الأجنبي، وكان لإيران الحصّة الكبيرة من عبارات الرفض من قبل المتظاهرين، حيث استنكّر الشعبان العراقي واللبناني الوجود الإيراني والمسؤولين الإيرانيين بمحاولات هيمنتهم على البلدين من خلال ميليشيات تابعة لهم تنفّذ أجنداتهم بطرق مختلفة، غير ملتزمة بسيادة البلدين.
وطبعاً هنالك تنديد بالوجود الأمريكي، والشعارات التي تفضح السياسة الأمريكيّة وماتقوم به من خداع وتمويه في عدم إظهار توجهاتها بشكل واضح.
أثبتتْ الحقائق والوقائع أنّ ما يحدث في العراق لا يختلف كثيراً عما يحدث في لبنان، فهي ذروة غضب بيضاء خالية من الدسائس التي حاول أن يسيء لها إعلام الحكومات، وأن يتّهمها بالعمالة للأجنبي والصهاينة وغيرها من المسميّات، لكن الأمور واضحة بالنسبة لمن يرى الأشياء بعين المنطق وبروح العدالة والإنسانيّة، فإن ذروة الغضب التلقائيّة، وصرخة الأسد الجريح ، ومايقوم به شبان العراق ولبنان، كلّها عوامل زوال حكومات الفساد، وقريبا جدّاً .
Comments