بقلم: الاعلامي مفيد عبّاس
غريبة كانت رائحة خبز التنور الطين الذي كانت تبيعه نديمة الخبازة في راس شارعنا القديم في محلتنا الصغيرة ، القلم طوزة، قرب مركز الشرطة القديم.
كانت نديمة امرأة متوسطة العمر، ترتدي ثوبا ازرقا، لافة رأسها بفوطة سوداء، تعتليها عباءة رأس عراقية بهت سوادها ومال الى الملاح من كثرة تعرضه لاشعة الشمس، هذه صورتها صيفا وشتاء، لا الثوب اصبح اخضرا او احمرا او حتى اسودا، ولا الفوطة تغيرت، حتى وجهها الذابل، والحزين، ظل ذابلا وحزينا حتى آخر يوم غادرتنا الى حيث لانعلم .
كانت امهاتنا لا تخبز ، بسبب مخبز حجي قنبر، الذي سفروه الى ايران في الثمانين، كفيل بتزويدنا بالخبز التفتوني الحار، وكذلك صمون الكواكب لصاحبه ابو فاضل، لكن اقراص الخبز الصغيرة، ولا اعلم لِمَ هي صغيرة، كانت رائحتها تدخل البيوت عبر الاثير، ومع نسمات الظهيرة الباردة في الشتاء، حين كان وليد، اخي الاكبر، لا يرغب بالتشريب الا حين يكون من خبز نديمة.
محلتنا الموغلة في حزنها وفرحها، والمشعة بحميميتها، لم يترك الزمن على جسدها النافر بالانوثة سوى شقوق طرية وبقايا جمال عتيق
# وكلكم_عيوني
Comments