بقلم: الأستاذ الياس طبرة
مالئ الدنيا وشاغل الناس اسمه أحمد بن الحسين وكنيته أبو الطيب ولقبه المتنبي. ولد في الكوفة لأسرة فقيرة عام 301 ه وتوفي عام
354 ه قتيلاً والموافق لعام 915 م مولداً و965 وفاة.
قال عنه تلميذه أبو العلاء المعرّي يوماً عندما سئل عن الكبار من الشعراء: “أبو تمام والمتنبي حكيمان وإنّما الشاعر البحتري”
كان شاعرنا فخوراً بنفسه مزهواً بموهبته الشعرية والقيم الإيجابية التي يعتدّ بها العرب حيث يقول:
أَنا في أُمَّةٍ تَدارَكَها اللَــهُ غَريبٌ كَصالِحٍ في ثَمودِ
ما مُقامي بِأَرضِ نَخلَةَ إِلّا كَمُقامِ المَسيحِ بَينَ اليَهودِ
أنا الـذي نظـَرَ الأعمى إلى أدبــي وأسْمَعَـتْ كلماتـي مَـنْ بـه صَمَـمُ
أَنـامُ مـلءَ جفونـي عَـنْ شوارِدِهـا ويسهـرُ الخلـقُ جَرّاهـا وَيَخْـتصِـمُ
وإذا كانت الحكمة تفكير الانسان بوجوده وحياته وعلاقات البشر وعاداتهم وتقاليدهم قال:
وَمَن تَفَكَّرَ في الدُنيا وَمُهجَتِه أَقامَهُ الفِكرُ بَينَ العَجزِ وَالتَعَبِ
من أشهر حكمه:
ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ
لا يَسلَمُ الشَرَفُ الرَفيعُ مِنَ الأَذى حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِهِ الدَمُ
والظُلمُ مِن شِيَمِ النُفوسِ فَإِن تَجِد ذا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ
وَمِنَ البَليَّةِ عَذلُ مَن لا يَرعَوي عَن غَيِّهِ وَخِطابُ مَن لا يَفهَمُ
وَمِن نَكَدِ الدُنيا عَلى الحُرِّ أَن يَرى أَخِلّاءِ لا يَصفو لَهُ مِنهُ وُدُّ
لا تَلْقَ دَهْرَكَ إلاّ غَيرَ مُكتَرِثٍ ما دامَ يَصْحَبُ فيهِ رُوحَكَ البَدنُ
فـقـلْ لـلـشــامـتـيـنَ بـنـا أفـيـقـوا سـيـلقى الـشـامتـون كـمـا لقينا
إذا أنتَ أكْرَمتَ الكَريمَ مَلَكْتَهُ وَإنْ أنْتَ أكْرَمتَ اللّئيمَ تَمَرّدَا
وإذا أتــــتك مذمتي من نـــــاقصٍ فهي الشــــهادةُ لي بأني كامــلُ
وتعظمُ في عينِ الصغيرِ صغارها وتصغر في عينِ العــظيمِ العظائمُ
أعز مكان في الدنا سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب
ومن روائع الشعر الإنساني قصيدة المتنبي:
صَحِبَ الناسُ قَبلَنا ذا الزَمانا وَعَناهُم مِن شَأنِهِ ما عَنانا
وَتَوَلَّوا بِغُصَّةٍ كُلُّهُم مِنهُ وَإِن سَرَّ بَعضُهُم أَحيانا
رُبَّما تُحسِنُ الصَنيعَ لَياليهِ وَلَكِن تُكَدِّرُ الإِحسانا
وَكَأَنّا لَم يَرضَ فينا بِرَيبِ الـدَهـــــــــــــــــــــــــــــــــــرِ حَتّى أَعانَهُ مَن أَعانا
كُلَّما أَنبَتَ الزَمانُ قَناةً رَكَّبَ المَرءُ في القَناةِ سِنانا
وَمُرادُ النُفوسِ أَصغَرُ مِن أَن نَتَعادى فيهِ وَأَن نَتَفانى
غَيرَ أَنَّ الفَتى يُلاقي المَنايا كالِحاتٍ وَلا يُلاقي الهَوانا
وَلَوَ أَنَّ الحَياةَ تَبقى لِحَيٍّ لَعَدَدنا أَضَلَّنا الشُجعانا
وَإِذا لَم يَكُن مِنَ المَوتِ بُدٌّ فَمِنَ العَجز أَن تَكونَ جَبانا
كُلُّ ما لَم يَكُن الآن مِنَ الصَـــــــــــــــــــــــــــــــــــعبِ فُـسَهلٌ فيها إِذا هُوَ كانا
Comments