بقلم: زينب عبد الرحيم
فى البدء منذ أن شرع الله في خلق الكون كانت الظلمة تملأ العالم حتى خلق الله نور النهار وأصبحت الشمس في شروقها تضيء كل العالم وترسل أشعتها السبع من فضائها إلى أرضنا لتضيئها إلى أن يفنى الوجود.
وكان هناك شعاع من أبناء الشمس السبعة لا يريد أن يذهب إلى أي مكان فى العالم و كان يُدعى بالشعاع “المتمرد” , ظل يُمارس تمرده على أمه الشمس كان كسولاً متوكلا دوماً على أمه ،و إخوته الستة , ثارت عليه أمه يوما قائلة له : سوف أرسلك إلى الأرض السوداء , وهي أرض تدعى “كيمت” و فإذا عصيت أمري سوف ينطفئ نورك و تصبح نجما خافتا فى الليل .
غضب الشعاع المتمرد و انطلق في النهار بسرعه فائقة غير معتادةً منه حتى أصطدم ببناء شاهق الارتفاع ليس له مثيل على كوكب الأرض فظل يحوم و يطوف حول هذا المكان فى ذهول تام واستطاع أن يرصد من مكان أبعد فوجدا بناءين شاهقين من تلك الأبنية شاهقة الارتفاع و لكنهما أقل ارتفاعا من الذي اصطدم به , فقد اصطدم الشعاع المتمرد بالهرم خوفو أكبر الأهرامات و أعظم الأبنية على وجه الأرض في ذلك الوقت .
ظل الشعاع المتمرد يأتي كل نهار إلى أرض الأهرامات كي يتعرف عليها
أكثر و بعد أيام عرف أن هذه تلك الأرض السوداء التي أمرته أمه الشمس أن يذهب إليها, و عندما عاد إلى أمه في الغروب قال: لها لقد ذهبتُ إلى الأرض السوداء أرض كيمت كما أمرتنى ,
فلماذا هذه الأرض بالذات يا أمي؟
قالت: له أمه لقد أرسلتك إلى هناك حتى تدرك أن على الأرض بشراً يمكنك أن تتعلم منهم ويلهموك الكثير والكثير.
ظل هذا الشعاع يأتي إلى أرض كيمت كل نهار ليرى النيل والطمي والزراعة وكل ما يدور على هذه الأرض حتى يغرب عنها فى الغروب.
إلى أن جاء يوم و أمرته أمه الشمس أن يكف عن الذهاب إلى أرض مصر فقد تعلم الدرس بما يكفي ولابد أن يذهب إلى مكان آخر, حزن الشعاع المتمرد عند معرفته أن هذه هى آخر زيارة له لمصر فتوسل إلى أمه الشمس أن تجعله يذهب في اليوم التالي كي يودع الأرض المباركة لأنه أحبها و عشقها دون أن يدرى , فأذنت له أمه أن يذهب للمرة الأخيرة واشترطت أن يعود قبل الغروب حتى يعرف الأرض الجديدة التي سوف يضيئها في اليوم التالي .
وفى الشروق انطلق الشعاع الذي كان متمرداً متوجهاً إلى أرض مصر ولكنه قرر أن يطوف ويدخل كل مكان على هذه الأرض إلى أن وصل معبدا وأناره كاملا حتى حان وقت الغروب،
تنادت أمه الشمس عليه في الخارج لماذا لم تأت بعد؟ ألم أحذرك من التأخير؟ وأمرتك أن تأتي إليّ قبل الغروب؟
لم يسمع الشعاع أية أصوات أو يلتفت لأية تحذيرات، فقد عقد العزم على الهروب....
فظل ماكثاً في المعبد ولم يذهب إلى أي مكان آخر فاكتشف المصريون أمره وعرفوا قصته، فأحبوه إلى حد التقديس لم يغادر أرض مصر، إلى أن مرت مصر بظروف صعبة وقاسية وقام الغزاة بغزوها فلم يعد هذا الشعاع الهارب مقدساً كما كان.
فعاد الشعاع الهارب إلى أمه الشمس التي ظلت غاضبة منه آلاف السنين ولكن ظل يتسلل خلسة إلى المعبد ليشارك المصريين في احتفالاتهم ويرسل نوره متعامدا وجه الملك “رمسيس” في يوم ميلاده وتنصيبه وملكاً في موعد لا يخالفه إلى الأبد.
Comments