بقلم: الاعلامية ماريشا الزهر
إن مؤهلاتك رائعة وخبراتك ممتازة وشهادتك جيدة.. لكن ليس لديك “الخبرة الكندية” تلك الجملة الشهيرة والأولى التي تواجه أي قادم جديد متقدّم إلى وظيفة ما في كندا ضمن أغلب المقاطعات لتأتي أيضاً وتهدم اعتقاد الأغلبية أن معظم
الشركات في الدول الغربية تحترم المؤهلات والإمكانيات العلمية والعملية لدى الفرد وخاصة هنا في مدينة ويندزور ضمن مقاطعة اونتاريو حيث أن حوالي 80% من الوظائف تتم عن طريق العلاقات العامة والشخصية على حد سواء حسبما جاء على لسان أحد الأساتذة ضمن هذا المجال.
على الرغم من أن المدارس تعجّ بالدورات الخاصة للطلاب والقادمين الجدد حول مقابلة العمل وقواعدها والمحظورات إلا أنك تتعرض للصدمة الكبرى حين تمارس ذلك على أرض الواقع فلا وجود لشيء يذكر سوى العلاقات وكلما كانت دائرة العلاقات الخاصة بك أكبر كلما زادت فرص حصولك على الوظيفة أو حتى المعرفة بها قبل أوانها.
وبذلك يصبح معدل التنازلات لديك أكبر عندما تكون أغلب طرق الحصول على الوظيفة التي تستحقها مغلقة، فعلى سبيل المثال إن كنت جامعياً ولديك خبرة في مجال دراستك تفوق عشر السنوات عليك أن تعمل أي شيء للحصول على الخبرة الكندية حتى لو كان ذلك خارج اهتماماتك أو دراستك كأن تعمل في قهوة مثلاً أو مطعم.
هل منطقيٌ أن تسأل أي قادم جديد إذا كان لديه خبرة كندية في العمل؟ دون الاهتمام أو الأخذ بعين الاعتبار خبرته العملية في بلده الأمّ، كيف لبلد مثل كندا يفاخر بكونه بلد الثقافات المتعددة أن تضع مثل هذا الشرط التعجيزي أثناء التقدّم إلى الوظيفة ... لماذا لا نقيم اعتباراً للخبرات القادمة إلى كندا كونها تضيف تنوعاً في سوق العمل، ويسرّع عملية الاندماج في المجتمع.
هذا العبء يثقل كاهل القادم الجديد فتراه يعمل بنظام “الكاش” في معظم الأحيان فيتعرّض لظلم واستغلال أصحاب العمل وتراه يعاني الضيق والإحباط وبعض المشاكل الاجتماعية نتيجة عدم الانخراط بسوق العمل مبكراً.
لماذا لا تتيح الدولة الكندية الفرصة أمام العديد من القادمين الجدد لكي يصبحوا جزءاً من سوق العمل أفضل من دفعهم بطريقة غير مباشرة للتسجيل في برنامج welfare ومن جانب آخر إن وصل الشخص إلى طريق مغلقة لا يجد أمامه سوى “العمل التطوعي” المجاني وغير المدفوع لدى بعض الشركات لمدة من الوقت من أجل الحصول على الخبرة الكندية وتطول هذه الفترة أو تقصر حسب مزاج صاحب العمل الامر الذي يعود بنا إلى استغلال القادم الجديد من دون وجه حق في ذلك.
على الملأ تحمل كندا الشعار الطنّان أنها بلد المهاجر ذو الثقافات المتنوعة لكن ينطوي خلف ذلك أسلاك شائكة من التعقيدات خاصة في سوق العمل يعكس الوجه النرجسي لبلد يسمي نفسه بلد المهجر ليبقى السؤال إلى متى سيتم التعامل مع المهاجر أنه غريب جملة وتفصيلاً؟! وهل سيأتي وقت يتم فيه إنصاف حاملي الشهادات والمثقفين واحترام خبراتهم بدلاً من زجّهم في سوق العمل من دون طوق نجاة يتمسكون به حين الغرق؟!
Commentaires