بقلم: د. داليا حمامي
عندما يخذلنا الوطن وأقرب الأصدقاء، ويُدفن الحلم الوحيد تحت الضربات المتتالية لمطرقة التّعصب والكراهية رغم كل المحاولات اليائسة لإحيائه، فما الذي يتبقى لنا؟
هي واحدة من حكايات بلد منسي مزقته الحرب، كُتبت بقلم الكاتب الإيطالي المبدع (جوزبه كاتوتسيلا)، عن العدّاءة الصومالية (سامية يوسف عمر) التي أرادت أن تركض وهي صومالية، وتفوز وترفع علم بلدها الصومال لا علم بلد اللجوء، لكن يا له من حلم ويا لتكلفته الباهظة!
تطرح رواية (لا تقولي إنّك خائفة) عدة ثيمات هامة وحساسة، كالعنصرية بين أبناء قبائل البلد الواحد، والتشدد الأعمى الذي شلّ البلاد وصادر أبسط حقوق أبنائها من قبل الميليشيات المتطرفة المسلحة، والهجرة غير الشرعية على يد مهربين جشعين بلا ضمير ولا أخلاق ولا إنسانية، والانفلات الأمني المرعب الذي حدث في ليبيا عقب سقوط القذافي ودفع ثمنه المهاجرون الأفارقة أكثر من غيرهم، حتى بعد قطعهم لرحلة تهريب تعذيبية جهنمية عبر أفريقيا.
كمية الألم والوجع والقهر في الرواية لا توصف، الصعوبات والمشقات التي كان على سامية تخطيها لتحقق حلمها لا يمكن تصورها، وقد عبّرت عنها بقولها:
“لم يكن يجب أن يتم السماح لأي شخص في العالم أن يمر بهذا الجحيم”... إذ لا يمكن أن يساوي أو يستحق أي حلم، مهما عظم في دواخلنا، المرور في محرقة التهريب ومواجهة وحشية البشر المسعورين خلف المال.
سامية يوسف عمر تهدى إليها كل النجوم والأقمار، يهدى إليها كل الجمال والحب والبراءة والنقاء، لأنها تستحق حياة أجمل من الحياة:
“طيري يا سامية كما يطير الجواد المجنح في الهواء..
اركضي يا سامية..
اركضي كما لو كنت لا ترغبين في الوصول إلى أي مكان..
عيشي يا سامية..
عيشي كما لو أن كل شيء مستحيل.”
جدير بالذكر أن الرواية لاقت ضجةً كبيرة في إيطاليا، وتمَّ بيع أكثر من مئة ألف نسخة منها في أول شهرٍ من صدورها، في ظاهرةٍ لم تمرّ على دور بيع الكتب الإيطالية سابقاً.
Comments