top of page
صورة الكاتبThe Ambassador Team

رواية شرف



بقلم: د. داليا حمامي

لم يرتبط دائماً مفهوم الشرف بالمرأة؟

لم يخون الرجل زوجته ولا يوصم بالعار، بينما على المرأة أن تدفع ثمن خيانتها؟

لم لا تسامَح المرأة على أخطائها، ولا يغفر لها ذنبها، بل تنفّذ في حقها أقسى أنواع العقوبات أمام مرأى الرجل، وإن كان والدها؟

في روايتها شرف، لا تجيب الكاتبة التركية “أليف شافاك” عن هذه الأسئلة، بل تترك للقارئ مهمة البحث عن الإجابات، من خلال سرد بديع غير مباشر، يحكي قصة عائلة كردية بأجيالها الثلاثة، الجيل الأول المتمسّك بالعادات والتقاليد بجنون، ولا يقبل فيها حتى المناقشة والجدل، والجيل الثاني، الذي كان عليه تحمّل وزر تحجّر الجيل الأول، رغم رفضه لكل عادات المجتمع، وللظلم الهائل الواقع على نسائه، والجيل الثالث، الذي رغم ابتعاده وهجرته إلى دولة أوروبية، متحررة من كل قيود العادات الشرق أوسطية، إلا أن مسألة شرف المرأة لازالت مغروسة في أعماقه، وفي لا وعيه.

الرواية نسائية بامتياز، يكتشف فيها القارئ أثر المرأة، التسلسلي التراكمي على أجيال العائلات، عبر طريقة تربيتها الخاطئة للرجل، وتوجيه الاهتمام والدلال، وإعلاء الشأن له فقط دون شقيقاته، رغم أن الأم نفسها قد عانت سابقاً من الظلم، وعدم الإنصاف في حقها، والتعامل غير العادل بينها وبين ذكور العائلة، هذه السلسلة أو الحلقة المفرغة ستستمر إلى ما لا نهاية، إلا في حال تم كسرها من قبل امرأة.. وامرأة فقط، فعلى الرغم من تعامل الأم مع الأبناء وكأنهم سلاطين متوّجون، إلا أن الرجل قد دخل في متاهة لا تنتهي، بين ما تربى عليه، وبين ما يراه من تطور في المجتمع، جعله خارج الزمان، ضائعاً لا قيمة له إلا في أحضان أمه، منبوذاً مكروهاً وسط عائلته، لتعود إليه إساءاته وذنوبه القديمة، في هيئة ابن عاق مجرم، يقلب حياة الأهل رأساً على عقب.

رواية عبقرية تجعلك تعيش أحداثها و كأنك ابن بيئتها، أما تقنية السرد التي استخدمتها الكاتبة، وهي تقنية الفلاش باك أو العودة بالزمان والمكان، في غاية الذكاء ولا تسبب أي إرباك للقارئ، حيث تبدأ الرواية من النهاية، وتعود بنا للوراء بشكل خاطف، عبر أمكنة وأزمنة مختلفة، لنفهم سبب قتل الولد لأمه، لتنتهي مع مفاجأة رائعة تجعل القارئ محتاراً في أمره، بعد أن يكتشف خدعة الكاتبة له.

من قرأ للكاتبة قواعد العشق الأربعون فقط، فقد ظلم الكاتبة المبدعة، وحرم نفسه من قراءة رواية تستحق وبجدارة، أن تصنف كواحدة من روائع الأدب العالمي.


٠ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

كي لا ننسى .. احنه مشينا للحرب

بقلم: نزار العوصجي ذات مرة في الثمانينيات جلست وأنا مسافر بالقرب من فتاة تبين أنها من البصرة، وهي طالبة في المرحلة الرابعة بجامعة صلاح...

Comentários


bottom of page