بقلم: ابتسام البغدادي
عندما تسلم “بيرسي زكريا كوكس” مندوب بريطانيا في العراق مهام منصبه اشترط عند تشكيلة الدولة أن تكون الوزارات والوظائف
مقصورة على حملة الشهادات ولذلك كان اليهود والمسيحيون أصحاب المناصب ومديري الإدارات الهامة ويليهم في بناء الدولة العرب السنّة في بغداد والموصل.
بينما ظلت غالبية الشيعة خاضعة لرجال الدين الذين حرّموا دخول أبنائهم المدارس النظامية العصرية ذات المراحل والصفوف واقتصر التعليم في ذلك الزمن على الكتاتيب والحوزات كما حرمت الفتاوى الالتحاق بالجيش والوظائف العسكرية لذلك لم يكن للشيعة وجود كبير في المناصب المهمة.
وعلى ضوء ما تقدم تسلم “ساسون حسقيل” اليهودي وزارة المالية فوضع قواعد التعامل المالي والمصرفي للعراق وما تزال تلك القواعد مرجعية صالحة حتى الآن ولما كان جميع موظفين المالية من اليهود فقد أثار ذلك نواب العرب المسلمين فاحتجوا وتم استدعاء الوزير للبرلمان للاستجواب فقال: إنّ وزارة المالية وزارة مهمة ويحتاج العاملون فيها إلى شهادات تخصصية واليهود أكثر من لديهم هذه الاختصاصات بحكم احتكاكهم بالقنصليات الأجنبية ودراسة الكثير منهم دراسات عالية في بيروت والقاهرة واليونان وحصولهم على شهادات جامعية
وهكذا كان الواقع العراقي في بداية العشرينات من القرن العشرين حيث كان عدد سكان العراق لا يتجاوز المليون ونصف المليون نسمة كما كان عدد الحاصلين على شهادة المدرسة الحربية أي الكلية العسكرية في اسطنبول 400 ضابط معظمهم من الطائفة السنية في الموصل وبغداد والقليل من التركمان.
وعلى صعيد مديرية الصحة العامة التابعة في ذلك الوقت إلى وزير الداخلية نوري السعيد فقد كانا 95% من الأطباء والصيادلة من المسيحيين وبعض اليهود كما كانت جميع الممرضات في المؤسسات الطبية والمشافي من أتباع الديانة المسيحية وسبب ذلك انفتاح المسيحيين على الغرب وحصول كثيرين منهم على الشهادات الجامعية والاختصاصات الطبية بينما ظلت غالبية المسلمين ولا سيما شيعة الجنوب تحرم البنات من الذهاب إلى المدارس ومعاهد التعليم لأن تعليم المرأة شيء مخجل ومخز “.
هكذا سارت الدولة في مشروع تكوين الدوائر الحكومية ولكن الملك فيصل الأول أصرّ على إقناع الشيعة بالانضمام إلى المؤسسات الحكومية والإعراض عن فتاوى المرجعيات فاضطر أخيراً لفتح صف في الكلية العسكرية سمي صف لأبناء العشائر وللأسف ظل الصف شاغراً مما أتاح لأحد ضباط قرية تكريت استغلال الفراغ فتم تسجيل العديد منهم وخاصة المتعلمين.
ومن أبرز الخريجين في ذلك الوقت أحمد حسن البكر وحردان التكريتي وآخرون مثل نوري السعيد وفاضل الجمالي.
تعليقات