بقلم : الدكتور عامر بطرس داوود
على الرغم من التقدم العلمي في مجالات التكنولوجيا الحيوية والصناعات الدوائية؛ إلا أن تطوير لقاح لفيروس “كورونا” لم يتم بالسرعة ذاتها التي ينتشر بها الفيروس على المستوى العالمي، إذ لا تزال الشركات الكبرى للأدوية ومؤسسات البحوث والتطوير في المراحل الأولية لعملية التطوير، وهو ما يرجع إلى التكلفة المادية الضخمة وحسابات الربحية لدى بعض الشركات، والاحتياج إلى إجراء تجارب واختبارات متعددة قبل طرحه للتداول، فضلًا عن الحاجة لبناء شبكات تعاون بين المؤسسات الرسمية والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية في الداخل، وتعزيز التعاون بين الدول بهدف تطوير اللقاح والتصدي لانتشار الفيروس
وتتسابق المختبرات حول العالم لإنتاج لقاح لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) يمكن أن يوقف المرض في مهده
وأشارت صحيفة ديلي تلغراف إلى أن التجارب البشرية على اللقاح من المقرر أن تبدأ في أبريل/نيسان القادم، حيث يتنافس العلماء البريطانيون مع عشرات المختبرات في جميع أنحاء العالم ليكونوا في صدارة تطوير دواء وذكرت الصحيفة أن الباحثين كانوا يسابقون الزمن لإنتاج حقنة أو حبة وقائية منذ أن بدأ بالصين تسلسل الفيروس وراثيا أول مرة في يناير/كانون الثاني الماضي. الآن في العديد من المختبرات لقاحات أولية تقوم بتجربتها على الحيوانات، مع ثقة العديد منها في أنها ستنتقل إلى التجارب البشرية الشهر المقبل. وإذا ثبت أنها آمنة وفعالة فستجرى تجارب حية أوسع لمعرفة إذا كان التطعيم يعمل في سيناريو العدوى الطبيعية، وإذا نجح اللقاح فيمكن أن يكون متاحا على نطاق واسع بحلول أوائل العام المقبل وأشارت الصحيفة إلى أن البروفيسور روبن شاتوك وفريقه بقسم الأمراض المعدية في كلية إمبريال بلندن قاموا بتطوير لقاح مرشح خلال 14 يوما من الحصول على التسلسل الجيني من الصين، وكانوا يختبرونه على الحيوانات منذ العاشر من فبراير/شباط الماضي، ويأملون الانتقال إلى التجارب السريرية في الصيف إذا تمكنوا من تأمين التمويل المطلوب وبدل ابتكار حقنة أجسام مضادة تقليدية، يعمل دواء كليّة إمبريال عبر حقن شفرة جينية جديدة بفعالية في عضلة موجها إياها لتصنيع بروتين موجود على سطح فيروس كورونا، الذي بدوره ينشّط استجابة مناعية وقائية.
وفي السياق، قال البروفيسور جوناثان هيني من مختبر علم الفيروسات الحيوانية بجامعة كامبريدج؛ إن المرحلة ما قبل السريرية لاختبار اللقاح التي يقوم بها فريقه كانت تسير على ما يرام وتتحرك بسرعة وبالإضافة إلى ذلك، تعمل مجموعة البروفيسورة سارة غيلبرت في قسم الطب بجامعة أوكسفورد على لقاح باستخدام التقنية نفسها التي استخدمت لإنتاج نموذج تطعيم أولي لتفشي متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس)
وألمحت الصحيفة إلى أن نحو 35 شركة ومؤسسة -حتى الآن-تعمل على إيجاد حل للمشكلة على نطاق عالمي وقال الدكتور أنتوني فوسي رئيس المعهد الوطني الأميركي لأمراض الحساسية والأمراض المعدية إن التجارب البشرية ستبدأ خلال ستة أسابيع، وتنبأ بأن لقاحا سيكون جاهزاً خلال 12 إلى 18 شهرا
ومن المقرر أن تبدأ شركة فارما مودرنا في ولاية ميريلاند الأميركية تجارب على 45 شخصا في أبريل/نيسان القادم، وقالت الشركة إن من الممكن توفر لقاح على نطاق واسع في فبراير/شباط القادم
كما بدأت شركة نوفافاكس في ميريلاند أيضا تجاربها على الحيوانات، ومن المتوقع أن تنتقل إلى التجارب البشرية بحلول فصل الربيع، في حين قالت شركة ريجينيون في نيويورك إنها ستكون مستعدة لمرحلة التجارب البشرية خلال شهرين. وفي أماكن أخرى، تقوم جامعة كوينزلاند في أستراليا بتجربة عقارها المرشح على الحيوانات. كما أكد شي نان بينغ نائب وزير العلوم والتكنولوجيا في الصين أن تجارب اللقاح البشري ستبدأ مع نهاية أبريل/نيسان القادم. وذكرت الصحيفة أن “ريمديسيفير” (وهو مضاد للفيروسات واسع النطاق جربته معاهد الصحة الوطنية الأميركية على 13 مريضا نقلوا إلى المستشفى بعد إصابتهم بفيروس كورونا على متن سفينة الرحلات دياموند برينسيس في اليابان)؛ ربما يكون هو العقار الواعد وفي السياق، قالت شركة فايزر هذا الأسبوع إنها اكتشفت العديد من المركبات المضادة للفيروسات التي قد تكبح فيروس كورونا، وتأمل أن تبدأ الاختبارات مع نهاية العام.
تسارعت الجهود الدولية لإيجاد لقاح لفيروس “كورونا” عقب نشر الأكاديميين الصينيين التسلسل الجيني للفيروس في قاعدة بياناتٍ مفتوحةٍ. وعليه، يمكن استعراض بعض الجهود والنماذج الدولية الرامية لإيجاد ذلك اللقاح، بالإضافة إلى بحث إمكانية تطوير أدوية لتخفيف آلام المصابين به، وذلك على النحو التالي:
الصين: بدأت بالفعل تجارب سريرية على عددٍ من الأدوية التي يأتي في مقدمتها تلك المستخدمة في علاج الإيبولا، ونقص المناعة المكتسبة، و”السارس”، والملاريا، لاختبار مدى فعاليتها في علاج مصابي “كورونا”، على أن تُدرج النتائج في قاعدة بياناتٍ صينيةٍ للدراسات الطبية الحيوية. وقد أتى ذلك بعد أن قامت مجموعةٌ من الباحثين باختبار عددٍ من الأدوية المضادة للفيروسات في المختبر للتأكد من فعاليتها ضد الفيروس. كما دعت الصين كافة من تعافى من فيروس “كورونا” للتبرع بالدم، لما قد يحتويه من أجسامٍ مضادةٍ وبروتيناتٍ قيمةٍ يمكن استخدامها لعلاج المرضى.
الولايات المتحدة: تسعى شركة “مودرنا” الأمريكية لتجنيد 45 متطوعًا تتراوح أعمارهم بين 18 و55 عامًا لإطلاق تجارب سريرية بحلول نهاية أبريل. وتبحث بعض الشركات المتخصصة في التكنولوجيا الحيوية في العقاقير المضادة لفيروس نقص المناعة البشرية والإيبولا. كما تبحث “معاهد الصحة الوطنية الأمريكية” (NIH) بولاية ماريلاند عن سبل تشجيع الجسم البشري على إنتاج أجسامٍ مضادة.
وقد أعلن “تحالف ابتكارات التأهب للوباء” (CEPI) أنه سيخصص مبلغ 11 مليون دولار لثلاثة برامج تقودها شركتا “أنوفيو” للأدوية و”مودرنا” بالتعاون مع جامعة كوينزلاند، على أمل الحصول على لقاحٍ قابل للإنتاج خلال ستة عشر أسبوعًا. كما أصدرت “إدارة الغذاء والدواء والأمريكية” (FDA) ترخيصًا تحت بند “الطوارئ العاجلة” لاعتماد تقنيةٍ مبتكرةٍ لمواجهة انتشار فيروس “كورونا”.
ومن الجدير بالذكر أن مؤسسة بيل وميلندا جيتس واثنتين من المؤسسات الخيرية الكبيرة الأخرى تعهدتا بتقديم 125 مليون دولار للمساعدة في تطوير علاج لفيروس “كورونا”. وفي سياق متصل، صرح نائب الرئيس الأمريكي ومسئول ملف مكافحة الفيروس “مايك بنس”: “نعمل على توسيع الاختبارات للتوصل إلى لقاح لمكافحة فيروس كورونا”. وفي هذا الإطار، تبحث الولايات المتحدة مع قطاعات الصحة جهود مكافحة انتشار الفيروس، وتُطوّر اختباراتٍ للكشف عنه. وأكد “بنس” أنهم سيعملون على إتاحة علاجٍ لتخفيف آلام المصابين بحلول الصيف.
إسرائيل: أعلن معهد بحوث (MIGAL) الإسرائيلي عن تطوير لقاح فيروس التهاب الشعب الهوائية الحاد لعلاج فيروس “كورونا”. وقد أثبت اللقاح فعاليته في التجارب السريرية التي أجراها معهد “فولكان” سابقًا. ويستكشف المعهد حاليًّا الشركاء المحتملين لإنتاجه في الأسابيع الثمانية القادمة، والحصول على موافقات السلامة اللازمة لاختباره على البشر.
ألمانيا: تعمل شركة الأدوية الحيوية “كيورفاك إيه جي” و”التحالف من أجل ابتكارات الاستعداد للوباء” معًا على تطوير لقاحٍ مضادٍ للفيروس. وفي هذا الإطار، قالت وزيرة البحث الألمانية “أنجيا كارليتشك” إنها تتوقع تطوير لقاحٍ مضادٍ لفيروس “كورونا” في غضون أشهر. ونقلت وكالة “رويترز” عن الوزيرة الألمانية قولها في يناير 2020: “إذا أردنا احتواء هذا المرض، فمن الجيد أن يكون لدينا لقاحٌ في وقتٍ قصيرٍ نسبيًّا، ونفترض أن هذا سيحدث في غضون بضعة أشهر”.
اليابان: يعكف علماء يابانيون على إجراء دراساتٍ مكثفةٍ وعاجلةٍ للتغلب على فيروس “كورونا”، باستخدام أجهزة كمبيوتر عملاقة لتحليل بعض الأدوية المتوفرة واستعمالها لمعالجة الإصابات الناجمة عنه. كما تعكف شركة الأدوية اليابانية ((Takeda Pharmaceutical al Co على تطوير دواءٍ جديدٍ مشتقٍ من بلازما دم من تعافوا منه، انطلاقًا من قدرة الأجسام المضادة التي طورها المرضى على تقوية الجهاز المناعي للمرضى الجدد.
بريطانيا: أعلنت شركة (The Native Antigen Company) البريطانية عن بدء الإنتاج التجاري لمضاداتٍ جديدةٍ يمكنها معالجة فيروس “كورونا”. وقد أعلن باحثون من جامعة “إميريال كولدج” في لندن عن بدء التجارب على الفئران، آملين في بلوغ هدفهم بحلول نهاية العام. وفور الانتهاء من المرحلة التجريبية الأولى، سيتم اختبار فعالية اللقاح على البشر. ومن المتوقع التوصل للقاحٍ نهائيٍ بحلول نهاية العام.
أستراليا: يعكف معهد “دوهرتي” في ملبورن على إيجاد علاجٍ للفيروس من خلال بحث ودراسة عينةٍ حيةٍ منه. ومن خلالها، يمكن للباحثين في “مختبر صحة الحيوان الأسترالي” بجيلونج أن يبدأوا في فهم خصائصه، وهي خطوةٌ حاسمةٌ في الجهد العالمي لتطوير لقاح.
وتسعى العديد من شركات الأدوية العالمية بالمثل إلى إيجاد علاج لفيروس “كورونا”، وذلك من خلال: تحفيز إنتاج البروتينات، وتوظيف التقنيات التكنولوجية بالتعاون مع شركات التكنولوجيا الحيوية الصينية، وتقديم المساعدات المطلوبة بما في ذلك مركبات حقن البروتينات التي تحفز الاستجابة المناعية، وإجراء التجارب السريرية.
كشفت تقارير إخبارية في 16/3/2020 عن إجراء أول تجربة للقاح ضد فيروس كورونا ، فى معهد كيزر للبحوث الأمريكى، حيث حقنت إحدى المتطوعات، بمدينة سياتل شرق الولايات المتحدة الأمريكية.
وذكر موقع روسيا اليوم، أن الباحثين في معهد كيزر الأمريكى أشاروا إلى أن الاختبار سيجرى على 45 متطوعا، بينما حقن اليوم أربعة أفراد، بينما أوضح التقرير أن المشاركين في تلك التجربة لم يصابوا بأى أذى، حيث لم ينتقل لهم الفيروس من جراء تلك التجارب، حيث لا تضم الجرعة التي يحقنون بها فيروس كورونا وأوضح التقرير، أن التجارب ستجرى حتى مطلع يونيو 2021، للتأكد من سلامة اللقاح. وأوضح التقرير، أن المرأة التي حقنت بأول لقاح ضد فيروس كورونا تدعى جينيفر هالر، تبلغ من العمر 43 عاما، وقالت:”كلنا نشعر بالعجز.. إنها فرصة رائعة بالنسية لي للقيام بشىء ما”، أما ثاني المتطوعين يدعى نيل براوننج.
يشار أن أول تجربة لقاح ضد فيروس كورونا تجري الآن فى أمريكا، وأوضح تقرير لوكالة أسوشيتدبرس الأمريكية أنه سيتم اليوم الاثنين، تسليم الجرعة الأولى المحتملة من اللقاح المطور لعلاج فيروس كورونا، فى تجربة سريرية لمحاولة إيجاد حل لهذه الفاشية وصرح مسئول حكومي وفقا لتقرير جريدة “نيويورك تايمز”، أن الجرعة الأولى التي سيتم تسليمها يوم الاثنين، في تجربة سريرية للقاح محتمل COVID-19، سيتم تجربتها على أول مشارك فى التجربة.
وسيبدأ الاختبار مع 45 متطوعًا شابًا وصحيًا بجرعات مختلفة من اللقاح الذى تم تطويره بالتعاون مع المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية NIH وشرطة تطوير العقاقير الأمريكية Moderna Inc ، والهدف من هذا هو التحقق من أن اللقاحات لا تظهر ية آثار جانبية مقلقة، مما يمهد الطريق لاختبارات أكبر.
الموضوع مقتبس من عدة مصادر طبية وصحفية عالمية.
Kommentare