top of page
صورة الكاتبThe Ambassador Team

من كان بيته من زجاج لا يقذف الناس بالحجارة


بقلم: ايمان الشريف

مثل سائد نعرفه جميعا ونستشهد به كثيرا كثيرا.

نذكره حين نريد أن ننال من أحدهم سواء أكان على حق أم على باطل.

نعم ننال.. أقصد المعنى جدا.

فحين نذكره فهذا معناه ان المذكور قد فعل اشياء تجلب الشؤم والعار، وأولى به أن يستتر وان يلجم لسانه داخل فمه والا سنذكر لك كل أفعالك الشائنة ونعددها ونبرزها.. بالمختصر سنقوم بفضحك، ونكشف سترك وتخطو على الأرض منكس الرأس، فاقد الأهلية، مقطوع اللسان، مكتوم الصوت.

هذه واحدة.


اسمع لسان حالك يقول لي أن من الطبيعي صاحب الفعل الشائن ليس له الحق ان يدين غيره، أو يوجهه لأنه نفسه في بؤرة الشبهات.

أوافقك جدا جدا.. فالأولى دائما أن نحاسب أنفسنا أول بأول ونعدل من سلوكياتنا بما يتناسب مع المحيط، ولا نشذ عنهم حتى لا نفسد التناغم العام.

لكن عندي استفسار ساذج جدا ولا يرقى ابدا للمستوى الفكري والوعي الراقي الذي يتمتع به الأغلبية ما شاء الله.

بالنسبة للأفعال التي وصفت بالمشينة.

وصفت تحت أي معيار؟

فلو تدبرنا الأمر قليلا لوجدنا ان المعيار الديني غير الاجتماعي غير الفئة الجنسية او العمرية غير الظروف المؤدية لهذا الفعل.

فأغلبنا و لن انفي عن نفسي ذلك.... أتحلل من بعض الالتزامات الدينية بحجة مثلا ان ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع أو تحت مظلة ان الله غفور رحيم، و ان الضرورات تبيح المحظورات.

وفي اغلب مجتمعاتنا فللذكر حريات حرمت على الإناث..ناهيكم عن التمييز بينهما وانها يجب أن تتحمل وتسامح الهفوات و....... و...... و.....

وماهو عيب هنا تجده شيء عادي جدا ومحمود هناك.

زد على ذلك أننا في الصغر قد نقوم بأشياء لو عاد بنا الزمن نقسم بكل الأيمان اننا لن نفعل أبدا كذا وكذا...

وسأفترض حسن النية وسلامتها ونزاهة الشخص الذي أصدر حكمه على الفعل بأنه عيب ولا يصح.

ودعني أصف هنا الشخص الحكم بأنه متفرج والحياة ليست مسرحاً يرى فيه الجمهور الحدث من زاوية واحدة أمامية.. فهناك المؤلف الذي حدد خط حياتي معين لأبطاله وظروف اجتماعية ما، وكذلك ضغوط نفسية ربما أدت بأبطاله لنتائج معينة، وكذلك المخرج الذي أضفى بعض الاكشن على أحداث الرواية او اقتص منها أحداثاً ليناسب الوقت المتاح له أو أيضا ما ستوافق عليه الرقابة، وما يناسب للعرض مثلا في مجتمعنا.

فهل انا كمتفرج ذاهب لمشاهدة رواية او فيلم ما وقد اعددت العدة مثلا بالاتفاق مع الأصحاب ان نشاهد القصة وبعدها نجتمع لعشاء لذيذ مؤهله نفسي لسهرة لطيفة مبهجة.. أمارس فيها دور القاضي وأعوض بعضاً من نقص أو عقد نفسية.

واستعرض ذكائي وأخلاقي الحميدة التي ربما لا تكون حميدة بالمرة (ربما تكون حميدة زقاق مدق محفوظ).

وذلك لأني أمارس شيئا ما خفياً عن عيون الجميع.

هل أنا كمتفرجة أجلس في التكييف وأحمل في يدي كيساً من الفشار أستمتع به وأشعر بأمان تام سواء في بيتي أو بين أصدقائي ( الذين هم غالبا قريبون مني في مستوى التعليم وهناك اتساق فكري ومجتمعي بيننا) في مقاعد المتفرحين.. كيف لي أن أتخيل نفسي مكان البطل أو المسيء إذا صح التعبير؟؟

ومن أين لي من يؤكد أنني دائما على حق مبين وخطواتي في الحياة في موضعها الصحيح وان الحياة نفسها لم تمارس معي الدناءة وتختبرني؟

ومن أدراك أنه في أحدى اختباراتها لم أقم بالغش؟

أو مارست حيلة غير شريفة لأنفذ بجلدي؟؟

نعم يا عزيزي الفاضل جداً في أخلاقك، الكامل جداً في تصرفاتك أعلنها لك صريحة في جملة أحمد ذكي ( كلنا مذنبون ولا استثني أحدا) على الاقل في رواية أحدهم انت الشرير.

من قال هنا وانا هذا المتفرج يحق لي أن اخطط حياة غيري؟

فالنفسيات وتكوينها وبيئاتها ومكانها ومدى هشاشتها او صلابتها تختلف من إنسان لآخر وما استطيع تحمله لا يتحمله غيري، وردود افعالي من الاستحالات ان تتطابق مع غيري حتى مع توافر كل العوامل السابق ذكرها.

وهذه واحدة اخرى.

لو تركت لنفسي المجال لذكر امثله فلن ينتهي مقالي ابدا.

ملخص ما اريد ان اصل اليه.. انه ليس من حق أي أحد أن يقذف احد بالحجارة وان من حق كل الناس أن تكون آمنة في بيوتها سواء قصور مشيدة او كوخ من القش وليس فقط صاحب المنزل الزجاجي.

انها الجرائم فقط هي من تُحاكم ويحاكم عليها القانون.

وبمجرد ان يقضي من أًدعي عليه حكمه يسقط عنه صفة المذنب.

كلنا انسان وكلنا خطاء... فقط المحظوظ منا من يظله الله بستره.

واخيرا كونوا رحماء بأنفسكم اولا ثم الآخر.

دمتم رحماء.

٢٦ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

كي لا ننسى .. احنه مشينا للحرب

بقلم: نزار العوصجي ذات مرة في الثمانينيات جلست وأنا مسافر بالقرب من فتاة تبين أنها من البصرة، وهي طالبة في المرحلة الرابعة بجامعة صلاح...

Opmerkingen


bottom of page