top of page
صورة الكاتبThe Ambassador Team

من مذكرات دبلوماسي


كتب مزهر الدوري

نهضنا صباح يوم 23/4/2004 في معتقل ابي غريب سيئ الصيت موعد تعداد المعتقلين الصباحي الذي يستغرق اكثر مننصف ساعة حيث تذاع ارقام الاسرى حيث حلت هذه الارقام بديلا عن اسمائنا وكل اسير يحمل (ليبل) فيه رقمه واسمه وصورته يربط على الرسغ بعدها يتم الانصراف وتوزيع وجبة الافطار.

المعتقل هذا انشئ على مساحة مفتوحة قدرها اربعة كيلو مترات مربعه داخل سياج سجن ابي غريب في الجزء الذي يطلق عليه الخفيفه كان يضم حوالي 6500 أسيراً موزعين على ثمانية مسيجات بالاسلاك المنفاخية ومشبك (بي أر سي) كل مسيج يسمى (كمباوند) أربعة تقابلها أربعة بينهما شارع بعرض ثمانية أمتار وبين كل مسيج فراغ بعرض اربعة أمتار لمنع التواصل بين المعتقلين وبمراقبة شديدة وابراج عالية تضم حراسات ومراقبه على مدار الساعة تمنع اي تواصل بين الموجدين في المسيجات وفي كل مسيج ثلاثون خيمة في كل خيمة( 25-30) معتقل. في ذلك الصباح المشؤوم لمعسكرنا هذا كانت انتفاضة الفلوجة المجيدة في ذروتها وهيمنة المجاهدين عليها وطرد المحتلين الامريكان وحصار مشدد فرض عليها وقطع الطريق الدولي الذي يمر بجانب ابو غريب وقد وصل الامر الى حد قطع الامدادات عن المعسكر والخدمات جميعا وبما فيها وجبات الطعام من مطبخ أقيم داخل ابو غريب لإطعام المعتقلين بل ونقص كبير في المياه الى الحمامات التي تملأ خزاناتها بتنكرات مما أدى الى تدهور شديد في تقديم وجبات الطعام الذي تحول الى ازراق معلبة من مخزونات الجيش الامريكي المحتل حيث كنا نشاهد طائرات السمتية للمحتل وهي تقصف من فوق المعسكر باتجاه الفلوجة. الحاصل اننا في ذلك الصباح وكما نفعل وبعد التعداد الصباحي الذي نصطف فيه طوابير تدقق ارقامنا حيث يحتل الرقم مكان اسمك يستغرق التعداد اكثر من نصف ساعة يتم توزيع وجبة الافطار من قبل ممثلين عن المعتقلين يسمون (مراقبين) بعد انصرافنا الى الخيم نتوزع حلقات او مجموعات او أفراد لكل شأنه بعد تناول الافطار بين القراءة والحديث ومن الشباب من يقضى وقته في لعب الورق او الشطرنج. جاءني احد الشباب يبلغني ان شخصاً من المعسكر المقابل يطلبني وعادة ما كنا ندهب الى منطقة الحمامات فهي تقابل الحمامات المقابله بالمسيج المقابل وهي اقرب نقطتين بين كل مسيجين ونستطيع ان نتلافى مراقبة حراس المعتقل وبحجة السباحة او قضاء الحاجة. وجدته الاخ العزيز اللواء الركن سنان عبد الجبار ابو كلل فقدعشنا فترة ثمانية اشهر قبلها في خيمة واحدة في الجزء الذي يسمى (كمباوند) الثقيلة في ابي غريب قبل نقلنا وتوزيعنا على هذا (الكمباوند) ذلك المعتقل الذي اقترنت به فضائح الجيش الامريكي بحق المعتقلين حيث كان قد جيئ بالشهيد سنان ابو كلل من زنزانة التعذيب وكان وضعه سيئاً جداً بسبب ماتعرض له من اساليب التعذيب وكان ذلك المسيج يضم المرضى والجرحى والذين تعرضوا الى قساوة التعذيب يضم ثلاث خيم فقط تضم حوالي ستين معتقلا موزعين لى هذه الخيم وكان البقيه يتوزعون على ستة مسييجات تضم حوالي (700) معتقلاً جاء المرحوم سنان والشيخ الشهيد غازي الحنش رحمه الله الذي حولوه الى المسيج الملاصق رغم انه كان يعاني من اثار التعذيب جمعتنا خيمة ضمت على ما اذكر المرحوم الفريق الركن اياد خليل زكي والفريق الركن المرحوم ماهرعبد الرشيد والمرحوم خالد شهاد الدوري والمرحوم فوزي رشيد وجمعا من الاخوة المدنيين والعسكريين وشباب المقاومة الذين تعرضوا لاقسى اساليب التعذيب (رحم الله من رحل منهم واطال بعمر من ما زال في الحياة). وجدت اخي سنان يلقي علي التحية وتبادلنا الاحاديث عن بعد بين الاشاره والصوت كما نفعل في كل مرة ودعني بالإشارة وانصرفنا وقبيل اذان الظهر بقليل انهالت على المعسكر قنابل الهاون (عيار 120مليم) التي اعتدنا ترمى علينا كل مره من قبل عصابات بدر والمليشيات الاخرى ولكن هذه المرة كانت بقذيتين لكل مسيج اي حوالي (16) قذيفة وزعت بمعدل قذيفتين على المسيجات الثمانيه ولم يكن لنا ملجأ يحمينا من هذه المقذوفات فالخيم والارض المكشوفة لاتحمينا البعض يلجأ الى حفر او بجنب تل صغير صنعه المعتقلون طبعا حراس المعسكر وكلهم اميركان لهم ملاجئ ومصدات من قوالب كونكريتيه. أنتهى القصف وكما نفعل في كل مرة يتواصل المعتقلون بالنداء والاشارات عن الخسائر. لقد كان يوماً مشؤوماً على معسكر الخفيفة كما يسمونه وعم الحزن فالشهداء تجاوزوا الثلاثين شهيداً وعدد الجرحى بلغ الاربعين. منهم اصابات بليغة كان المسيج الذي امامنا فيه ثمانية شهداء. وكان من ضمنهم البطل سنان ابوكلل فقد كان يجلس في الخيمة التي لم تصبها القذائف ولكن شضايا الخيمة المجاورة طالتها فاصابته بشضية أخترقت راسه (رحمه الله) وهو جالس يقرأ القران ولم تترك له الفرصة ليرحل رحمه الله وسجله البطولي قائداً في الجيش الوطني وصموده في المعتقل وخلق وطيبة متناهية شدتنا معه فلم تكن لي علاقة طويلة قبل لقائنا في الاعتقال التي شدتنا وتعمقت بحكم وجودنا ليل نهار وجمعتنا رفقة راقية وثقافة وتبادل للافكار معه ومع اخوتنا ورفاقنا الآخرين فالاعتقال تجربة عرفتنا على شباب ورجال رائعين كانت حلقات النهار والليل مصدر ثقافة وتثقيف لاسيما للشباب الرائعين الذي كانوا يتحلقون حولنا واسئلتهم عن كل شئ. لقد كان يوماً حزيناً وقاسياً ونحن نودع رفاقنا الذين طالهم القصف فمزقت القذائف اجساد هم الطاهرة رحمة الله على روح الاخ لواء ركن سنان عبد الجبار ابو كلل ومن أستشهد في كل ارجاء العراق وطيب ثراهم وجعل الجنة مثواهم....



٠ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page