نقاط علام .... النقطة الرابعة حرية الرأي
- The Ambassador Team
- 2 يناير 2021
- 2 دقائق قراءة
بقلم: حسام الصعوب
لعل مصطلح حرية الرأي والتعبير _ إضافة ً إلى توءمة الحرية _ يعد من المصطلحات الأكثر شيوعاً واستخداماً في زمننا الحاضر، سلباً وإيجاباً ، وحسب الاقتضاء للأسف !
وإذا ما قمنا بتقسيم المصطلح _ كما يفعل الكثيرون _ ليصبح: حرية الرأي، وحرية التعبير، سنجد أن الجوهر بشكل واقعي وفعلي يتجه مباشرة ً إلى حرية التعبير وليس إلى حرية الرأي !
فمن البديهي أنني أستطيع على صعيدي الشخصي الإيمان بأي فكرة أريد! بأي معتقد! بأي نزوةٍ أو كبوةٍ أو حتى رغبة! من يستطيع منعي؟! أو بالأحرى كيف سيستطيع منعي إذا كان عاجزاً عن التحول إلى فكرة تتجول داخل رأسي لتلاحق بقية الأفكار أو تردعها !
لا يمكن الحَجْر على الأفكار، لكن الممكن بشكل فعلي، الحجر على أسلوب التعبير عنها والتضييق على الجهر بها، وهذا ما يجعل من حرية التعبير: المضمون والإشكالية .
حرية الرأي _ من وجهة نظري الشخصية _ مصونة ٌ بالفطرة و محمية ٌ في وجدان صاحبها، لطالما لم تتوصل الإنسانية بعد إلى تطبيقاتٍ عمليةٍ للتخاطر الذهني، أما حرية التعبير، فمن الممكن تشبيهها بالمطر أو الدواء! الكمية الناقصة منها عن الجرعة المطلوبة، لا تكفي ولا تنتج الأثر المرجو! والكمية العبثية منها، لها آثار عكسية وفي بعض الأحيان قد تكون كارثية !
وحتى لا أكون كمن يختبئ خلف إصبعه، فمن الواجب الاعتراف بأنه ما من معايير دقيقة أو قوالب جاهزة يمكن من خلالها تأطير حرية التعبير، ولكن الممكن فعلاً، هو الاتفاق على أن يشمل التأطير أسلوب التعبير وليس موضوعه، و حتى هذا فيه خلاف تبعاً لطبيعة كل مجتمع وقيمه وقوانينه! ولربما نستطيع ومن زاوية القانون مبدئياً أن نضع معياراً عمومياً _ هو بالطبع ليس كافياً _ لأسلوب التعبير وليس للرأي، بأن نتفق على أن كل تصرف ٍ أو عبارة ٍ تتجاوز شكلها كتعبيرٍ عن رأي وتتحول إلى جرم أو تمهيد لجرم، يجب استبعادها من مفهوم حرية التعبير! وأؤكد مرة أخرى بأن التأطير يمكن أن يشمل أسلوب التعبير عن الرأي فقط و ليس الرأي في ذاته .
وقبل أن تتهمني عزيزي القارئ بالتحفظ وتقييد الحريات، تعال معي لنسأل بضعة أسئلة بسيطة لا تعدو كونها مجرد تطبيقات عملية لهذه الفكرة في مستوياتها الدنيا، ومن ثم يمكنك القياس عليها في أهم الأمور وأكثرها خصوصية وجوهرية بالنسبة للإنسانية :
_ أين حرية الرأي والتعبير في أن تتهم جارك مثلاً بأنه _ أعتذر عن اللفظ _ حيوان ؟! حتى لو اعتقدت صادقاً في نفسك ودون رياء أنه ليس إنساناً! هذا تحقير! أو أين هي حرية الرأي والتعبير في اتهامك دون أدلة أو وقائع أو معطيات مناسبة، إحدى الشخصيات العامة بأنه سارق؟! حتى لو كنت مقتنعاً تماماً بفساده! هذا ذم! أو هل من حرية الرأي والتعبير في شيء أن يتجول أحد أبناء بلدك أو المهاجرين إليه في شوارعه، مطالباً بتفجير مؤسساته والانقلاب على شرعيتها حتى لو كان معتقداً يقيناً بأحقية ما يطالب به! هذا إرهاب! و قِس على ذلك فيما ترغب من أمثلة.
لا يمكن تجريم الفكرة إذا لم يتم التعبير عنها، و بالتالي فإن محل التجريم الحقيقي هو الأسلوب وليس الفكرة في ذاتها! وهنا مربط الفرس! حيث يمكن لكل من يسرد معطياته وأسبابه ويثير تساؤلاً محقاً بناءً عليها ومهما كان موضوع هذا التساؤل، أن يندرج تساؤله تحت مفهوم حرية التعبير، و حينها تصبح الكرة في ملعب الطرف الآخر ليقدم نموذجاً حضارياً في الرد، وأما الشتم والتحقير والشخصنة وما عداهم من تصرفات، ومن أي طرف أتت، لك عزيزي القارئ أن تصنفها، فلكل منا طريقته في تصنيفها .
Comments