بقلم: رحمن خضير عباس
ألفنا أن نستخدم في لهجتنا العراقية مفردة (طرگاعة).
وما أن نسمع هذه الكلمة، حتى يتبادر إلى ذهننا، بأن أمراً جللاً قد حدث أو سيحدث. وهي ترادف في المعنى للكارثة أو المُصيبة ، ومن الشائع أن نستخدمها في لهجتنا بكثرة :
مثل ( طرگاعة سودة ، أو شنو هذي الطرگاعة ، طرگاعة اللي تصيبك. والله ملّينا من هذه الطرگاعة ) إلخ من هذه العبارات وغيرها والتي نستخدمها بكثرة في لهجتنا العراقية. ولكنّ أصل هذه الكلمة يعود إلى آلة صيد بدائية للحيوانات والطيور ، وشبيهة مما نسميه ب( المصيادة).
تتكوّن الطرگاعة من حبل قصير، تتكور نهايته لتتحول كالبؤرة، التي تتسع لحجر صغير. ثم يقوم الرامي بتلويح الحبل وتدويره ، حتى تنطلق الحصى إلى هدفها.
ولكن البعض يرى أن أصلها اللغوي، يعني الصاعقة المصحوبة بالغيوم والبرق. وهي من الظواهر الطبيعية التي تخيف الناس بسبب مجهولية النتائج لأنفسهم ومحاصيلهم ومواشيهم.
والبعض الآخر يجعل المفردة وعائديتها إلى لغات قديمة مثل الآرامية ، وتأتي بنفس معنى الهيجان والاضطراب.
وسأستعير هذه الكلمة لوضعنا العراقي الحالي. فنحن نعيش في مرحلة( الطرگاعة) السياسية في بلدنا. وذلك لهيمنة مجموعة من سياسيّ المصادفة الذين جعلوا من الوطن غنيمة ، ووسيلة للثراء السريع. فالعراق يمرّ بمرحلة حرجة ، حتى أصبحت الحكومة عاجزة عن تسديد رواتب موظفيها ! في بلد يمتلك ثاني أكبر احتياط نفطي عالميا ،ولو استطعنا استثمار مواردنا الطبيعية بشكل سليم ، لأصبحنا في وضع مختلف، وبعد أن أوصلتنا حكومات الفشل إلى ما وصلنا إليه ، تحاول الحكومة الحالية أن تقلل من هذه الطرگاعة التي حلّت بالناس، بطرگاعة الاقتراض الداخلي ، الذي يعني أن الحكومة تقترض مالا من بنوك داخلية، تعود إلى شخصيات وبنوك عراقية ، وهذه الشخصيات كوّنت ثروة بسرعة خيالية من خلال وسائل غير مشروعة ، بسيطرتهم على مرافق الثروة في البلد ، وتوزيع الوزارات ومنافعها على أحزابهم.
وكانت النتيجة أن العراقي يعيش الآن في طرگاعة سوداء.
ولا حلّ له سوى امتلاك ( الطرگاعة ) بيده ، ليرمي حجارته على أركان الفساد ،حتى يجعلهم عاجزين عن استلابه وابتزازه، كي يستطيع هذا الشعب بناء البلد على أساس ديمقراطي حقيقي
Comments