top of page
صورة الكاتبThe Ambassador Team

المذبحة




بقلم: رحمن خضير عباس

يقول الشاعر الراحل أمل دنقل

“تُرى :

حين أفقأ عينيكَ، ثم أثبتُ جوهرتين مكانهما

هل تَرى؟

هي أشياء لا تُشترى“

نعم أن السلطة في العراق قد سملت عيوننا، بهذه الطريقة البربرية التي قابلت بها أبناءنا وبناتنا من المحتجين والمتظاهرين، لقد صفعتنا الإهانة وأغرقنا الذل. نحن نرى أجساد شبابنا تتساقط، ورصاص الأوغاد يطاردهم في الأزقة والدروب والساحات.

القنّاصة يصوّبون بنادق الكراهية إلى الصدور والوجوه والشباب يركضون بين زخات الموت، ليداروا جروحهم، ويحملوا الأجساد التي يحصدها المجرمون. شباب وأطفال غير آبهين بالموت الذي ينصبّ عليهم كالمطر. صور القتل التي نقلت جزءاً من الحقيقة، التي صفعتنا وأجهضت حلمنا بوطن ينهض من الموت.

يظهر المسؤول الأول - من الناحية القانونية- عن المجازر التي ارتكبت ( السيد عادل عبد المهدي) بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، إضافة إلى كونه رئيس مجلس الوزراء، ليقدم لنا حزمة من الإجراءات التي لا مجال لمناقشتها الآن، لأنها كاذبة، وكأنه يريد سمل عيون شبيبتنا والتعويض بهدايا رخيصة!

مثل مقايضة الدم الذي نزف حتى الموت من شبيبتنا، بقطع أراض وهمية، ووظائف وهمية، وتحقيقات عن قاتل وهمي بشكل وهمي !

لقد ساوى سيادته بين سارة التي تلقت ثلاث رصاصات في شقتها في البصرة، وزوجها الذي تلقى رصاصات سبعاً، من قبل مسلحين يعودون للسلطة أو الميليشيات وبين شرطة قيل بأنهم جُرحوا في المواجهات!

كما تعهّد السيد رئيس الوزراء – مشكوراً - بعلاج الجرحى على حساب الدولة ! أي أريحيّة وأي كرم حاتمي؟

هل تعتقد يا رئيس الوزراء أن الجماهير خرجت لتعرض صدورها للنار، كي تتفضل عليها حكومتكم الفاسدة بالدواء والعلاج؟ هل المشكلة هي أن اننا نتداوى قبيل الموت؟ هل هذا هو المطلب، وهل هذا هو الحل؟

لقد وصل الوجع إلى العظم، لقد طغيتم ياسيد عبد المهدي- أنت ومن تمثلهم من أحزاب التأسلم والتشيّع - وأغرقتم البلد في عبث أسطوري.

بحيث تحوّلت المليارات من دولارات نفط الجائعين، التي أنفقتموها في كذب أصفر غبي. أحرق الأخضر واليابس، وجعلنا نستدين من البنك الدولي، بحيث أنّ ما أنفقه الشهرستاني فقط، على الكهرباء، يكفينا أن نعيش طول حياتنا في بحبوحة من السعادة والهناء. فبعد أربعة دورات وزارية تسيّدها (دعاة) المظلومية ابتداءً بالجعفري والمالكي والعبادي ثم أنت، وكانت النتيجة بأنكم يا سيادة الرئيس قد أفقرتم البلاد والعباد.واستعبدتم فقراء الشيعة وجعلتموهم لا يعرفون سوى اللطم. وأذللتم فقراء السنة وجعلتموهم غرباء عن الوطن. وجعلتم الكرد يكفرون بدولة العراق ويتمنّون الخروج من كيان اسمه العراق .

هل هذه هي إنجازاتكم المذهبية ؟ حيث جعلتم العراق الكبير كياناً هزيلاً تابعاً لإيران. وتناسيتم بأن سياسيي الملالي الإيرانيين الذين أصبحوا أسيادكم بأنهم عاملوا العراقيين بازدراء شديد وباحتقار، حتى لم تشفع للبعض أن يصوبوا بنادقهم من أجل إيران ضد العراق، ومنهم منظمة بدر التي تتسيد الموقف ممثلة بزعيمها العامري.!

الإيرانيون محبون لفارسيتهم ولوطنيتهم، وهم يحتقرونكم في السر ويعتبرونكم أغبياء وذيولاً لهم. لذا لا نلوم ظريف وزير الخارجية حينما يتدخل بشأن عراقي ويكون ضد التظاهر. لأنه يعتبر دولة العراق تابعة لوزارته! ولا نلوم شمخاني حينما يأمر الفياض بأن يقتل المتظاهرين باسم الدفاع عن مذهب اخترعوه وجعلوه ملكاً لخامنئي.

سيد عبد المهدي أنت تعرف الداء الذي جعل الدم العراقي يسيل بغزارة انه ليس ما تفضلت به عن الوظائف والمساعدات والكهرباء والسكن، إنّه أبعد من ذلك، إنك غير قادر أن تراه.

إنه الوطن الذي ضاع من هذا الشباب العراقي الذي قدم أعز ما لديه.

إنه الوطن العراقي الذي يفوق أحلامنا، بتأريخه وبتنوعه وبأوضاعه.

وأنت يا عبد المهدي لا تفهم معنى أن يكون الوطن مُستلباً كما تغنّى المتظاهرون.

وعودك في خطابك الأخير هشة وتافهة، ولا ترتقي لأبسط مطالب الضحايا. وعودك عسيرة التحقيق. لان المافيات المحيطة بك هي أصل الداء. الشعب يريد إسقاط النظام. لا لأنه بطران ويحب العنتريات. ولكن نظامكم قائم على فساد القضاء والوزارات التي أصبحت عصابات للربح السريع. والمحافظات والأقضية التي وجدت الوصول إلى السلطة, يعني الوصول إلى الثراء عن طريق الابتزاز والرشوة. لذلك لا حلّ سوى سقوطكم.

لقد قال الشعب كلمته في تغيير النظام الذي بُني على باطل. فلا يمكن أن يكون راتب النائب أكثر خمسين مرة من راتب الشخص العادي. ولايمكن أن تكون الوظائف مكرّسة للأحزاب والأتباع التي تحكم البلد. ولايمكن أن تكون المستشفيات مسالخ للموت غير الرحيم. ولايمكن لانعدام الطاقة في بلد الطاقة. إن النهب الحقيقي الذي تعرفه أنت أكثر مني بأن المشاريع تأتي عن طريق مقاولي الأحزاب والحشد الحكومي ومقاولي السلطة.

لقد بلغ السيل الزبى. الشعب الذي قدّم أغلى ما لديه – أبناء بعمر الزهور – لا يمكن أن يقبل بما( تفضلت) به من رشوة لغوية رخيصة، كي يستبدلوا بدماء أبنائهم وعودك الرخيصة.

الشعب يريد إسقاط النظام. ولا يعني على طريقتك المؤامراتية العنيفة، حينما كنتَ في الحرس القومي في ستينات القرن الماضي. وإنما الإسقاط على الطريقة الشرعية والقانونية.

إذا كنتَ حقيقياً ووطنياً ياعادل عبد المهدي، فقف مع جماهيرك العراقية الجائعة وقفة حقيقية، وحارب الميليشيات والعصائب والنجائب والفضيلة والحكمة وكل الأسماء التي لا تُشبه مسمياتها. سيكون الشعب معك وسنقدمهم لقضاء عادل.

أيمكن أن تدخل التأريخ يا عادل عبد المهدي، وأن تخرج من هذا الجحر الذي أدخلت نفسك فيه ؟ أشكّ في ذلك.


٠ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page