بقلم: رحمن خضير عباس
أمام البرلمان الكندي انحنى الآلاف من المتظاهرين لمدة ثماني دقائق وخمس وأربعين ثانية، هذه المدة التي أزهقت روح المواطن الأمريكي جورج فلويد.بقدم شرطي تفوح من عيونه رائحة الكراهية، ونحن ننحني الى إسفلت الشارع، كنّا نتحسس عمق الاختناق والوحشية والغرور البشري الذي يمارسه بعض الذئاب البشري وهي تنهش جسدا طريحا لا حول له ولا قوة.
في هذا اليوم الجمعة المصادف الخامس من حزيران، حجّ ألوف من الكنديين والكنديات، من جميع الفئات والطبقات والإثنيات، قاصدين البرلمان الكندي، ليعلنوا رفضهم للتمييز بكل أشكاله وألوانه، ويؤكدوا عمق التكاتف بين البشر.
كانت الجموع تصرخ بهتافات كثيرة، لتعلن أنها تريد العدالة في هذه الأرض لجميع بني الإنسان، على مختلف أصنافهم وألوانهم وأديانهم ومذاهبهم. لقد كانت الشعارات المرفوعة تؤكد على العدالة، وليس سوى العدالة. وليس هناك سلام بدون عدالة.
لقد كانت حشرجات جورج فلويد مهيمنة علينا جميعا في تلك اللحظات المتشنجة، وهو يستعطف الشرطي بأن يزيح ركبته القوية الجاثمة على ممر الهواء في عنقه المسجى على كونكريت الشارع، كان الضحية يستعطف القاتل:
“أنا غير قادر على التنفس “
والتي أصبحت شعارا للمتظاهرين، الشرطي الأمريكي الذي كتم أنفاس الضحية بدم بارد لا يمثل نفسه، بل يمثل السلطة القمعية في كل مكان وزمان. إنه يمثل الجيوش الجرارة التي غزت البلدان، كما يمثل الأساطيل الأمريكية وجنود المارينز الذين حاصروا قوت الفقراء في أماكن مختلفة من العالم.
الشرطي الذي كان يتمتع بمعاناة جورج فلويد غير عابئ بتوسلاته، يمثل غرور السلطة الأمريكية التي لا تؤمن بشيء، سوى انتهاك حقوق الإنسان وإشعال الحروب.
أمريكا التي صنعت القاعدة، كي تكون ذراعها في خنق الاتحاد السوفيتي، نجحت في ذلك، ولكن السحر انقلب على الساحر.
لقد وضعت أمريكا ركبتها على أعناقنا كعراقيين، وجعلنا نختنق حينما غزتنا وأسقطت طاغية، ولكنها جاءت بعده بطغاة صغار، ووضعتنا في فرن الاحتراب الطائفي، ثم ضغطت على عنقنا أكثر حينما جعلتنا تحت (الانتداب الإيراني). وجعلت العراق الكبير شبه دويلة ضعيفة، تحكمها عصابات سافلة من الشيعة والسنة والكرد، أكلت حاضر البلد ومستقبله.
ومازالت أمريكا تكلكل بحذائها العسكري على صدورنا وأعناقنا من خلال طابورها الخامس الذي يعتمر العمامة والعقال.
في شارع ويلنكتن أكبر شوارع أوتاوا، حيث مبنى البرلمان وشاتو لورييه وبناية مكتب رئاسة الوزراء والمحكمة العليا. كانت جموع المتظاهرين تصرخ بشعارات رفض العنصرية، كما ترفع شعارات السلم والعدالة.
اليوم وقف الشعب الكندي وقفة مشرفة لإعلاء القيم الإنسانية.
الجميع كان متضامنا مع الآخر لقد نسينا التباعد الاجتماعي بسبب كوفيد 19، ونسينا العدوى، وكان الجميع يريد أن يؤكد قيم المحبة بين جميع البشر، ورفض العنصرية والظلم.
لقد كان ذوو البشرة البيضاء في المظاهرة الحاشدة أكثر عددا من ذوي البشرة السوداء.
لقد تعانقت الأصوات جميعا من أجل عالم يخلو من الحروب والتمييز بين الناس.
كان جاستن ترودو (رئيس وزراء كندا) بين المتظاهرين أيضا.
Σχόλια