top of page
صورة الكاتبThe Ambassador Team

عزيز سباهي

بقلم: رحمن خضير عباس


لم يكن عزيز سباهي عراقياً مهاجراً، بل كان موسوعة فكرية ومعرفية وإنسانية مهجّرة قسراً. من قِبَل نظام قمعي، لا يؤمن بحق الإنسان أن يعيش حرّاً وفق قناعاته الخاصة. وكان عزيز سباهي يعشق الحرية منذ تعمّد بماء الفرات لأول مرة.

لقد عشق الحرية ، ودفع من أجلها ثمناً باهضاً في السجون والمعتقلات. تلك المعتقلات التي لم تكسره ، بل جعل منها مدرسة لبناء معارفه. فمن الطريف أنّه تعلّم الإنجليزية في السجن، وترجم منها الكثير من الكتب الثمينة.

القمع وغياب الحرية دفعه إلى مغادرة الوطن، فقد لملم هذا الرجل الوديع بعض قصاصات من أوراقه الكثيرة والمتشعبة. تلك الأوراق التي كان يحملها معه كالتميمة، والتي كانت تمثل له الوطن بكل بهائه. أوراق كان يكتبها بصبر وتأن، فتحولت إلى كتب ومراجع في مجالات مختلفة.


وهكذا غادر بغداد التي عشقها، رغم تجربة السجون والألم والتعذيب النفسي والجسدي الذي تلقاه ورفاقه في سجون النظام. غادر الهور والنهر الذي كان يذوب فيه حبّاً وطقساً دينياً وتواصلاً مع الحياة. وكانت محطته كندا التي اختار فيها مدينة لندن, والتي عاش فيها حتى وفاته في يناير 2016.

التقيتُ به في لندن. وأبدى رغبته في الانتقال إلى مدينة أوتاوا العاصمة. وقد فرحنا بوجوده بيننا. وكان يتفاعل مع الجالية العراقية بمختلف مكوّناته. ولكن هذا لم يمنعه من الاعتكاف للتأليف، فقد كان ثمة هاجسان ينتابانه، وهما :

ذكريات عمله في الحزب الشيوعي العراقي، والذي تمخّض عن مؤلفه الكبير( عقود من تأريخ الحزب الشيوعي). هذا الكتاب الذي سيصبح من المراجع المهمة في تأريخ العراق.

أمّا الهاجس الثاني : فكان التعريف بالدين الصابئي، حيث وجد الأديب الراحل أنّ ما كُتب عن المندائية، هو النزر القليل، والذي لا يتلاءم مع قيمتها التأريخية. لذلك فقد استطاع أن ينجز هذا البحث المعرفي والتأريخي الكبير ( أصول الصابئة المندائيين).

ولكنّ إقامة إبي سعد ( عزيز سباهي) لم تَطل بيننا في أوتاوا، فقد آثرَ العودة إلى مدينة لندن الكندية حتى تاريخ وفاته. وقد ترك وراءه ثروة فكرية ومعرفية من البحوث والمؤلفات في مجالات مختلفة.

كما ترك وراءه أجمل الأثر : جميل حديثه في مجالسه. وكرم أخلاقه وخصاله الحميدة، التي جعلته يعيش معنا دون أن يغادرنا.


٠ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page