بقلم: طارق داود
تعيين أبو إبراهيم الهاشمي القرشي خليفة للمسلمين وزعيماً لتنظيم الدولة الإسلامية يطوي الفصل الأخير من رحلة أبو بكر البغدادي الذي لم تطل كثيرا لكنها كانت كافية لنشر الرعب في أرجاء المعمورة، كما كانت كافية لتشكيل غطاء سياسي للإدارات الأميركية للتدخل في الشأن السوري واستباحة أراضيها وسيادتها. جاء اغتيال البغدادي في وقت كانت واشنطن قد خلطت فيه أوراق الأزمة السورية والمنطقة بإعلانها الانسحاب من شمال سوريا وتحديداً منطقة الحدود السورية/التركية. بغض النظر عن حقيقة أسباب هذا الانسحاب وهل هي مرتبطة بالسياسة الداخلية لإدارة ترامب أو لتجنب المواجهة مع الأتراك، إلا أنّه كان ضربة قاضية للحلم الكردي بدولته المنشودة، وضوء أخضر لأنقرة لتحقيق هدفها الأساسي منذ بدء الأزمة السورية ألا وهو اقتطاع أراض ٍسورية جديدة. خلط واشنطن لأوراق المنطقة، دفع موسكو لاستغلال الفرصة ومحاولة تطبيق مفهومها الخاص لـ “مبدأ أيزنهاور” لملء الفراغ من خلال الدخول على خط دمشق-أنقرة. استطاع سيد الكرملين فلاديمير بوتين من تفريغ الانسحاب الأميركي من تداعياته الخطيرة على سوريا من خلال إعلان سوتشي وهو حصيلة لقاء بوتين مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان. ينص الاتفاق على ضمان موسكو لإبعاد القوات الكردية عن الحدود من خلال استلام الجيش السوري للمنطقة والسماح لتركيا بتسيير دوريات داخل الاراضي السورية. جائزة الترضية الروسية لأنقرة كانت السماح للمعارضين السوريين المحسوبين على أنقرة بالهيمنة على حصة المعارضة من اللجنة الدستورية المكلفة بتشكيل دستور سوري جديد والتي بدأت اجتماعاتها في مدينة جنيف السويسرية. المكاسب التي حققتها موسكو دفعت بصقور الادارة الاميركية للضغط على الرئيس دونالد ترامب لإعادة صياغة قراره بالانسحاب من سوريا، وهو ما تجلى بوقف حدود تطبيق قرار الانسحاب الأميركي عند آبار النفط السورية والتي رأت فيها واشنطن ورقة ضغط قوية تبتز بها دمشق لما تشكله من مصدر دخل أساسي. وفي هذا السياق قال مايك بينس، نائب الرئيس الأمريكي، أن القوات الأمريكية ستبقى في سوريا، مضيفاً: “سنعمل بشكل وثيق للغاية مع حلفائنا الأكراد لضمان ألا تذهب عائدات هذا النفط إلى أيدي إيران، وحتى لا تقع في أيدي النظام، أو في أيدي روسيا.” في ظل هذه التطورات تأتي عملية اغتيال البغدادي في مكان معقد استراتيجياً نظراً لوقوعه في محافظة إدلب القريبة من الحدود التركية وتخضع لإشراف عسكري واستخباري تركي دقيق، بالإضافة إلى أنها تحت السيطرة الجوية الروسية وأعين راداراتها. كل هذه المعطيات تحتاج لحظة تأمل مع تقديم ترامب الشكر لكل من “روسيا والعراق وتركيا وسوريا والاكراد”, اللافت أن الجميع باستثناء الأكراد لم يعلقوا على العملية حتى إنّ البعض نفى دوره، باستثناء الأكراد الذين تباهوا بدورهم لدرجة أنهم ادعوا حصولهم على “السروال الداخلي للبغدادي” لرفع رصيدهم في واشنطن على أمل الحصول على جائزة ترضية من الاميركي. من خلال اغتيالها البغدادي طوت واشنطن صفحة “الدولة الاسلامية” ككيان قائم، لكنها في المقابل وضعت تركة وميراث هذه الدولة في المزاد العلني على أمل بيعها لمن يدفع أكثر
** العراق خلال شهر اكتوبر/تشرين الاول إلى 250 قتيلاً وآلاف الجرحى، هذا الكم الهائل من الضحايا يشير إلى أنّ محاولات الحكومة العراقية بإصلاح ذات البين مع المتظاهرين لم تجد نفعاً. كل الجهود الحكومية لإقناع المتظاهرين بأنها ماضية في القضاء على الفساد ورفع سوية معيشة المواطن العراقي باءت بالإخفاق. التخبط الحكومي بالتعامل مع المظاهرات يتوضح من خلال تضارب مواقف المسؤولين العراقيين، فبينما أمر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي قوات خاصة لمكافحة الإرهاب بالانتشار في شوارع بغداد واستخدام كل الوسائل الضرورية لإنهاء الاحتجاجات في العاصمة، دعا وزير الداخلية العراقي ياسين الياسري المتظاهرين إلى سلمية الحراك مؤكداً أن هدف القوات الأمنية هو حمايتهم. مكمن الاستعصاء في الحالة العراقية هو غياب رؤية واضحة لأصحاب القرار في ايجاد طريقة لإعادة إنتاج نظام الحكم في العراق لضمان توفير حياة كريمة لمواطني إحدى أغنى دول العالم. مشاركة رئيس أكبر كتلة في البرلمان العراقي مقتدى الصدر بالمظاهرات، دفعت برئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إلى الموافقة على تقديم استقالته لكنه اشترط على “الالتزام بالسياقات الدستورية والقانونية شرط تجنب أي فراغ دستوري”, أي أنه اعاد الكرة إلى ملعب الكتل البرلمانية للتوافق على بديل.
** مشهد عدم قدرة الطبقة الحاكمة على إعادة انتاج نظام حكم جديد يؤمن رفع سوية معيشة المواطنين يتكرر في لبنان
. الشارع اللبناني الذي انتفض في وجه حكومته ووجد دعماً “مبدئياً” من مختلف الأحزاب السياسية تحول إلى هدف لهذه الاحزاب التي تحاول استثماره لتسجيل نقاط في مرمى الخصم. إطلاق المحتجين شعار “كلن يعني كلن” يكشف غياب رؤية واضحة أو معرفة مكامن الخلل في التركيبة البنيوية لهيكل الدول اللبنانية، فالحكومة اللبنانية مشكلة من قبل الكتل السياسية في البرلمان الذي هو أصلاً منتخب من قبل الشعب. وأمام استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، وبقاء رئيس الجمهورية ميشيل عون وحيدا في مواجهة الشارع، لم يجد الرئيس عون سوى قلب الطاولة على الطبقة السياسية وبنيان الدولة اللبنانية من خلال المطالبة بالانتقال إلى “نظام مدني” بدل “النظام الطائفي” القائم حاليا. الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله حذر من الاقتتال الداخلي، مؤكدا إنه “بفعل الوعي والصبر والانضباط تجنب اللبنانيون الوقوع فيما كان يخطط له البعض من الفوضى. من جهته هاجم رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة الأمين العام لـ “حزب الله” معتبراً إياه يتصرف وكأنه “مرشد” للنظام اللبناني، مضيفاً أن حزب الله يستطيع “فرض سيطرته على لبنان، لكنه لن يستطيع تقديم رغيف خبز للمواطنين، لأنه يريد تطبيق النموذج الإيراني.”
** تأدية الرئيس التونسي المنتخب قيس سعيد اليمين الدستورية طوت صفحة الصراع السياسي على سدة الرئاسة التي لم تشهد حالة
من الاستقرار منذ سقوط حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، باستثناء فترة قصيرة شكل ضمانتها الرئيس الأسبق الباجي قايد السبسي. في المقابل يشهد البرلمان التونسي حراكاً سياسياً على خلفية تشكيل كتل برلمانية جديدة عقب الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد، وفي هذا السياق قرر 15 نائبا تأسيس كتلة جديدة في البرلمان، وتأتي أهمية هذه الخطوة عقب التصريحات التي تطلقها حركة النهضة عن تشبثها “بحقها الدستوري” بترؤس الحكومة القادمة كونها صاحبة الكتلة الاكبر في البرلمان التونسي. في هذه الأثناء أثارت زيارة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى تركيا ولقاؤه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتباه المراقبين خاصة أن الزيارة تتزامن مع اقتراب تشكيل الحكومة التونسية الجديدة وكون الغنوشي هو المرشح الأقوى لتولي منصب رئاسة الحكومة.
** ننتقل إلى الشأن اليمني حيث أفضت التطورات التي شهدها الجنوب إلى تراجع دور القوات اليمنية المتحالفة مع التحالف العربي بقيادة السعودية، حيث أثار دعم الإمارات للقوات الانفصالية الجنوبية إلى ضعضعة أركان حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
الخلاف الداخلي في حكومة عدن استدعى رداً سعودياً على دعم الإمارات للانفصاليين الجنوبيين من خلال إعلان التحالف العربي بقيادة السعودية عن إعادة نشر قواته في محافظة عدن جنوب اليمن “لتكون بقيادة المملكة”. وجاء هذا الإعلان بعد أيام من توقيع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي في الرياض المسودة الأولى من الاتفاق الذي تم تنسيقه بوساطة الرياض لوضع حد للنزاع بين الطرفين. في المقابل أعرب وزير داخلية حكومة الرئيس هادي أحمد الميسري عن رفضه لمسودة اتفاق الرياض، مشددا على أنه يرفض حكومة تتحكم بها السعودية والإمارات. ووجه الميسري انتقادات شديدة إلى أبو ظبي، مشيرا إلى أن الاشتباكات التي شهدها الجنوب هو “مشروع إماراتي قد سقط”.
** ننتقل الى مصر، حيث أصدرت أبرشية قبطية في بني سويف بجنوب القاهرة في مصر، أول قاموس في الشرق الأوسط للغة الإشارة، الخاصة بالصم والبكم، وهو أيضا الأكبر من حيث عدد الكلمات والإشارات. وقال القس بولس حليم المتحدث باسم الكنيسة عبر صفحته على موقع “فيسبوك” أن الأبرشية قررت، منح كل طالب من طلاب مدارس الصم والبكم على مستوى الجمهورية نسخة من القاموس. ووقع نيافة الأنبا إسطفانوس أسقف الأبرشية، بروتوكولاً بهذا الخصوص مع وزير التربية والتعليم طارق شوقي. واستغرق العمل في إعداد القاموس ثلاث سنوات، وشارك نحو 300 باحث متخصص في لغة الإشارة في إعداده.
** نختم أخبارنا من الخرطوم، حيث وجّهت الحكومة السودانية نداء إلى اليهود السودانيين الذين أجبروا على مغادرة بلادهم إلى العودة والمشاركة في إعمارها. وأكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني نصر الدين مفرح في حديث صحفي أن اليهود السودانيين تعرضوا لضغوط كبيرة علاوة على الكبت الذي مورس عليهم من قبل الحكومات العسكرية، ما دفع كثيرين منهم إلى الهجرة. كما تطرق مفرح إلى موضوع المسيحيين السودانيين، مشيرا إلى أن “هؤلاء لا يمكن وصفهم أقلية، لأنهم سودانيون وديانتهم سماويّة ولها قيمها وعقائدها، وأقر بأن المسيحيين واجهوا اضطهاداً وممارسات سيئة جداً في عهد الرئيس المعزول عمر البشير، بما في ذلك مصادرة ممتلكاتهم وأراضيهم.
Comentarios