top of page
صورة الكاتبThe Ambassador Team

الرؤيــة الواحــدة

بقلم: رحمن خضيرعباس

 

وضعت (مجلة فوربس) الأمريكية المتخصصة والتي تنشر سنوياً قائمة لأغنياء العالم الياباني (ماسايوشي سون) في تعداد أغنى رجل في العالم وقد وصفته المجلة بأنّه رجل أعمال ناجح ومتميّز. وقد تبوأ المركز الخامس كأقوى رجل أعمال في العالم. وهو ياباني من أصل كوري ومن مواليد 1957 وهو مؤسس ومدير عام للكثير من المؤسسات الكبرى ومنها مجموعة سوفت بنك . وماسايوشي سون ليس عبقرياً في طموحاته وأحلامه فحسب، وإنّما عبقري في تحقيق تلك الطموحات والأحلام المستحيلة، وجعْلها واقعيةً وقابلةً للتنفيذ. فحينما واصل دراسته في إحدى الجامعات الأمريكية في كاليفورنيا لأول مرة، قال مازحاً لأحد زملائه:

هل هناك وظيفة، أعمل فيها فقط خمس دقائق في اليوم، تعطيني عشرة آلاف دولار شهرياً ؟

اتهمه زميله بأنه يفكر بطريقة مجنونة. يقول ماسايوشي: كنتُ أعني ما أقول . وصرختُ بيني وبين نفسي: “الاختراع الاختراع.“

وقد تمخّضَ ذلك عن ابتكاري لأول قاموس ألكتروني في العالم . وقد اشترته مني(شركة شارب) بمبلغ مليون وسبعمائة الف دولار”.

يتحدّث عن بداية طموحاته، حينما كان في سن السادسة عشرة. قد قرأ كتاباً لمؤسس شركة مطاعم ماكدونالد (راي كروك) والذي يتحدث في الكتاب عن تجربته في النجاح.

كروك رجل عصامي أمريكي في خمسينات العمر، لم يكن ناجحاً في حياته، فقد فشل في أعمال مختلفة، وكان ينتقل من عمل الى آخر، ولكنه استقر أخيراً على بيع آلات خلط الحليب، التي اخترعها صديق له, وقد واجه مصاعب في ترويج هذه الآلة. وفي أحد الأيام طلب منه أحد المطاعم عدداً من الخلاطات، فأدرك بحاسته التجارية أنٌ هذا المطعم ناجحٌ. وحاول أن يزور هذا المطعم وكان تحت إدارة الأخوين ماكدونالد, وقد أطلقا على المطعم اسمهما العائلي. وقد نال هذا المطعم إعجابه من خلال طريقة الخدمة والتوصيل وطريقة تعبئته للأكلات السريعة, وطريقة إرضاء الزبائن, فطرح على الأخوين ماكدونالد فكرة توسيع المطعم عن طريق فتح فروع له. لكنّ الفروع الجديدة أخفقت لسوء إدارتها, مما جعل الأخوين ماكدونالد يتخليان عن فكرة الفروع المتعددة، والاكتفاء بالمطعم الواحد. ولكن راي كروك أقنعهما أن يفتتح فرعاً لماكدونالد بإدارته. وبعد فترة من الزمن، استطاع أن يشتري منهما المطعم ذاته، بعد أن التفّ على صيغة الاتفاق من الناحية القانونية. وهذا الالتفاف جعله المالك الفعلي لشركة مطاعم ماكدونالد، والذي يتصرف بإعطاء امتياز للشركات والأفراد. وقد حاول إرضاء الأخوين من خلال إعطائهما مبلغ مليوني دولار وسبعمائة ألف.

حينما سئل كروك عن سر تمسكه بمطعم الأخوين، وعدم فتح مطعم خاص به؟

أجابهم: “ إنّه سحر الاسم.. ماكدونالدز، بريق لا يضاهيه شيء آخر. “

وهكذا حوٌل هذا الرجل مطعماً محلياً وعادياً كبقية المطاعم الأخرى، إلى امبراطورية مالية كبيرة، وعلامة مميزة، يُباع امتياز اسمه فقط، بملايين الدولارات. ولم يقتصر على أمريكا وحدها، بل غزا العالم أجمع.

ونعود إلى العبقري ماسايوشي يقول: “ أردت أن أقابل مؤسس ماكدونالدز, كان عمري آنذاك 16 عاماً ، فاتصلت به تلفونياً عشرات المرات من اليابان إلى امريكا. ولكن مساعديه يرفضون أن أتكلم معه. وحينما وجدت بأن قائمة التلفونات التي أنفقتها تعادل سعر تذكرة الطائرة. طرتُ إلى امريكا وطلبت مقابلته. وحينما استفسر سكرتيره الخاص عن سبب الإصرار على المقابلة. قلتُ لهم:

أريد أن أرى وجهه فقط، لمدة ثلاث دقائق. لا أريد ان أسبب له تأخيراً أو عرقلة لعمله”.

وافق (راي كروك) رئيس شركة ماكدونالدز على مقابلة هذا الشاب الياباني. فبادره ماسايوشي بهذا السؤال:

ما المشروع الذي تنصحني به؟

فأجاب راي كروك بدون تردد: مشروع الكومبيوتر.

ثم أضاف كروك قائلاً :“ إذا كنتُ في مكانك وفي نفس عمرك وفي هذا الوقت بالذات. سأختار الكومبيوتر “

كان ذلك في منتصف سبعينات القرن الماضي. حينما كان الكومبيوتر محدود الاستعمال. المقابلة التي استمرت خمس عشرة دقيقة بين (راي كروك) الكبير في السن، والذي حقق مشروعاً كبيراً وهو في الخمسين من عمره, وهذا الشاب اليافع والذي لا حدود لطموحاته كان أثرها كبيراً ومؤثّراً في ذهن الشاب الياباني الذي انطلق كالصاروخ في إنجازاته ومشاريعه العملاقة والعابرة للقارات. فقد أصبح المؤسس والمدير التنفيذي لشركات عملاقة في مجال الكومبيوتر، وهو عرَّاب شركة علي بابا المنافسة لشركة أمازون.

في المقابلة التي أجراها معه الإعلامي ديفيد في برنامجه المعروف ( ديفيد شو) سأله عن مدى صحة لقائه بولي العهد السعودي وإقناعه خلال ساعة واحدة ، بمشروع الخمسة وأربعين ملياراً. ردّ ماسايوشي بشكل يدلّ على روح الدعابة : لا لا هذا غير صحيح.

واعتقد الجمهور أنه يعني لا وجود لمثل هذا الاتفاق، ولكنه آضاف ضاحكاً: “ اللقاء لم يكن خلال ساعة ، وإنّما خلال 45 دقيقة ، كل دقيقة بمليار!.

وحينما استفسر الإعلامي عن طبيعة المشروع, أجاب ماسايوشي بأنه يعتقد بأنّ قدرات الذكاء الاصطناعي ستتفوق على العقل البشري، ففي الثلاثين عاماً القادمة ، معظم الأشياء التي نفكر فيها سيكون الكومبيوتر أذكى منا واذا كان تسيير الإنسان للكومبيوتر في الوقت الحاضر ممكناً, فYن هذه الإمكانية ستنتهي, أي أنّ الكومبيوتر سيكون أكثر ذكاءً من البشر.

لذلك فالجيل البشري القادم، سيحتاج الملايين من الشرائح الكومبيوترية التي تحقق له الرؤية الحقيقية التي ستقوم بقفزة علمية هائلة.

لذلك أطلق على مشروعه الجديد (رؤية واحدة), ومن خلال هذه الرؤية ستتغير الكثير من المفاهيم العلمية.

السؤال الذي يطرح نفسه بالنسبة لنا كعرب:

أين نحن من هذه الرؤية الواحدة؟

أين نحن من أيّة رؤية؟

٦ مشاهدات٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page